العربية ، وأما الأحكام الشرعية فمنهما ومن الكتب المعتبرة في الفقه ولا سيما «شرح الوجيز» للإمام الرافعي. وأما التآويل فأكثرها للشيخ المحقق المتقى المتقن نجم الملة والدين المعروف بداية قدس نفسه وروّح رمسه. وطرف منها مما دار في خلدي وسمحت به ذات يدي غير جازم بأنه المراد من الآية بل خائف من أن يكون ذلك جرأة مني وخوضا فيما لا يعنيني. وإنما شجعني على ذلك سائر الأمة الذين اشتهروا بالذوق والوجدان وجمعوا بين العرفان والإيمان والإتقان في معنى القرآن الذي هو باب واسع يطمع في تصنيفه كل طامع ، فإن أصبت فبها وإن أخطأت فعلى الإمام ماسها والعذر مقبول عند أهل الكرم والنهي والله المستعان لنا ولهم في مظان الخلل والزلل ، وعلى رحمته التكلان في محال الخطأ والخطل ، فعلى المرء أن يبذل وسعه لإدراك الحق ثم الله معين لإراءة الصواب ومعين لإلهام الصدق. وكذا الكلام في بيان الرباطات والمناسبات بين السور والآيات ، وفي أنواع التكريرات وأصناف المشتبهات فإن للخواطر والظنون فيها مجالا ، وللناس الأكياس في استنباط الوجوه والنسب هنالك مقالا ، فعليك أيها المتأمل الفطن والمنصف المتدين أن لا تبادر في أمثال هذه المقامات إلى الاعتراض والإنكار ، وتقرّ بأن للمؤلف في إعمال القريحة هنالك أجر الافتكار والابتكار ، وتعمل فكرتك الصائبة وفطنتك الثاقبة في إبداء وجه جميل لما قرع سمعك ، وتتعب خاطرك اليقظان وذهنك العجيب الشان في إبرار محمل لطيف لما ينافي الحال طبعك. ثم إن استبان لك حسن ذلك الوجه فأنصف تفلح ، وإن غلب على ظنك قبحه فأصلح أو أسجع فإن لكل جواد كبوة ولكل حسام نبوة ، وضيق البصر وطغيان القلم موضوعان ، والخطأ والنسيان عن هذه الأمة مرفوعان ، وإني لم أمل في هذا الإملاء إلّا إلى مذهب أهل السنة والجماعة فبينت أصولهم ووجوه استدلالاتهم بها وما ورد عليها من الاعتراضات والأجوبة عنها. وأما في الفروع فذكرت استدلال كل طائفة بالآية على مذهبه من غير تعصب ومراء وجدال وهراء ، فاختلاف هذه الأمة رحمة ، ونظر كل مجتهد على لطيفة وحكمة ، جعل الله سعيهم وسعينا مشكورا ، وعملهم وعملنا مبرورا. ولقد وقفت لإتمام هذا الكتاب في مدة خلافة علي رضياللهعنه وكنا نقدر إتمامه في مدة خلافة الخلفاء الراشدين وهي ثلاثون سنة ، ولو لم يكن ما اتفق في أثناء التفسير من وجود الأسفار الشاسعة وعدم الأسفار النافعة ، ومن غموم لا يعدّ عديدها وهموم لا ينادي وليدها ، لكان يمكن إتمامه في مدّة خلافة أبي بكر كما وقع لجار الله العلامة ، وكما أنه رأى ذلك ببركة جوار بيت الله الحرام فهذا الضعيف أيضا يرجو أن يرزقني الله تعالى ببركة إتمام هذا الكتاب زيارة هذا المقام ويشرفني بوضع الخد على عتبة مزار نبيه المصطفى محمد النبي الأمي العربي عليه وآله الصلاة والسلام فاسمع واستجب يا قدير ويا علام.