فأصابتهم الضربة من إيران وعرف أنهم باطنية ، فمالوا إلى هذه البلاد ولا يزال رجال دعوتها من الباطنية (١).
قالت الزوراء :
«من المذاهب الباطلة. كان قد ظهر هذا المذهب في إيران قبل ٣٠ أو ٤٠ سنة ، وادّعى مؤسسه في ابتداء أمره أنه (رسول المهدي المنتظر). ثم قال إنه (المهدي نفسه) ، وأخيرا ادّعى أنه (نبيّ) ، فحصل بسبب ذلك نزاع واختلال في إيران ، فقبض عليه وأفتى العلماء بقتله ، فقتل وأعدم بتبريز (٢) ، وفرّ قسم من أتباعه ، ومالوا إلى بغداد للنجاة من أيدي الإيرانيين. وهذا كان السبب في ظهور (رئيسهم ببغداد) (٣) ، فقد بقي مستترا مدة من الزمان. ولم يكتف أن زاد في طغيانه حتى ادّعى (الألوهية) والعياذ بالله ، فاستهوى بعض سخفاء العقول وضعفاءهم الذين لم ترسخ فيهم العقائد الدينية ، فأضلّهم واستمالهم إليه ، فكثرت الشكاوي عليهم فطردوا ونفوا إلى جهات متفرقة ، وبينهم الحاج محمد حسين بائع الكتب الأصبهاني الأصل ، وكان يتولى خدمة الترجمة والتبليغ لهؤلاء ، فنفي إلى الموصل ، لكنه بعد مدة تمكن من العودة إلى بغداد ، ولم يزل منذ عاد إليها يجتمع إليه (البابية) ، ويراجعونه في أمورهم وعدّوه بمثابة الخليفة والنائب عن رئيسهم ولم يأل جهدا في إضلال الناس ممن تبعه إلا أنه كان يتوقّى من إظهار نفسه وإعلان دعوته ، وبيان منوياته ، وما يخفيه ضميره. لأنه لم تكن له حماية قوية ، وبقي مترقبا للفرص إلى أن حصل له التوجه والحماية من الدولة (بل غفلتها) فأخذ يتصّدى لدعوة
__________________
(١) تاريخ العراق بين احتلالين ، ج ٧. وكتاب البابية والبهائية للأستاذ محمود الملاح وكتاب الرد على العقيدة البهائية للأستاذ محمد الباقر الجلالي.
(٢) وهو المعروف بـ (الباب). واسمه (علي محمد).
(٣) هو المسمى أخيرا بـ (البهاء).