بين سعود وعبد الله آل سعود على الإمارة أرسل الأخير مندوبا إلى بغداد لمفاوضة واليها في مسألته مع أشقائه وبقي ينتظر من الدولة إسعافه ونجدته لإخماد نار الفتنة المتأججة ، غير أن الدولة وجدت أن قد آن زمن الاحتلال فوضعت يدها من ذلك الوقت على الأحساء ، وأبعدت أمراءها عنها مع أنه لم تبدر منهم بادرة تستوجب ما أتته ، وليت الدولة احتلت ما يداني الأحساء من البلاد كعمان وغيرها التي تركتها هملا ، ومكنت الدول الأجنبية من أن تقذف فيها نيران الفتن لتحصل على ما تنويه.
ومنذ ذلك الوقت أخذ سكان هذا اللواء بالسقوط والهوى لتغلب قطاع الطرق عليه لكثرتهم ، وكان الأهلون يرفعون ظلامتهم إلى مقام الولاية ، ويذكرون عجز أصحاب الأمر في ذلك الموطن فما كان يسمع صدى لأصواتهم المتكررة ، فراجعوني مرارا ، فأضربت عنهم صفحا إذعانا لدولتي وإن كان يسوؤني أن أراهم في تلك الحالة. ثم جاءتني محاضر (مضابط) فيها تواقيع كثيرة من العلماء والوجوه قائلين إن لم تسعفنا نضطر إلى ما لا تحمد عقباه وفي تلك المطاوي سمعت أن الدولة تنازلت عن حقوقها في خليج فارس وسواحله ، فاستندت حينئذ على ما لي من الحقوق الشرعية في هذا القطر بمنزلة أساس فبادرت بتلبية الطلب ، ليكونوا في حرز حريز من فتك أرباب الفساد فيهم وإبعاد الأجانب عن ديارهم.
هذه الأمور التي ساقتني إلى ما أتيت ، فقدمت الأهم على المهم ، وسرحت موظفي الإمارة محافظا على حياتهم ..».
هذا ملخص ما أبداه ، وأنه بذلك حقن الدماء وراعى الحقوق ، فصار الأمن ضاربا أطنابه (١).
__________________
(١) لغة العرب ج ٣ ص ٢٧٤.