رجالهم يوصون قبل الحرب بأن الرأي العام الأوروبي في تحامل عظيم عليهم ، وحانق للانتقام منهم ، فلا طريق لمقاومة هذا التيار إلا بالانتصار للأحزاب المعارضة وتقويتها ، وفيها ما يمكن من إيقاف ذلك التيار عند حده!. ورأوا الفرصة سانحة ، ولعلها السبب في دخولهم ويظهر أن الألمان هم السبب في إثارتها وكانوا قد أعلنوا الحياد فأوقعوهم ، وأن استخدام القواد الألمان في السفن البحرية الألمانية المشتراة كان خطأ. ومن المراجع الألمانية أن الروس كانوا يراقبون الحالة وينتهزون فرصة بث الألغام .. ومع هذا ليس لهم من القدرة ما يقف في وجه الدول إلا بالتزام الحياد ، وانتظار النتائج ، لتأخذ الدولة راحة. ومع هذا لم تنجح في مسعاها وكان الإنكليز وضعوا اليد على السفن الحربية المشتراة منهم ، ولما اشترت الدولة العثمانية (غوبن) و (برسلاو) قامت قيامتها. فلم تدعها تعوض ما امتنعت من تسليمه وإثر أخذ هذين المركبين الحربيين فإن روسية أيضا لم تتحمل عمل تركية ، وكأنها دولة غير مستقلة وتابعة لهؤلاء ومنقادة لإدارتهم .. حنق الترك على الروس من جراء تدخلهم ومثلهم الإنكليز وذلك لأن الترك اتفقوا مع الألمان على سكة الحديد وغير ذلك مما أدى إلى الميل إلى الألمان (١) ..
وبعد انتهاء الحرب العظمى بمخذولية الترك والألمان صار يتمسك المعارضون للاتحاديين بأدلة خصومهم أن الألمان هم المعتدون ، ونسبوا دخول الحرب إليهم. ولكنهم لم يدعوا فرصة للتحقيق ، والتفاهم من طريقه. وهذا جاويد باشا بيّن أن الميل إلى الألمان جلب سخط الإنكليز
__________________
(١) كتاب (حرب عمومينك منشألري) وفي كتاب (ماضي يه برنظر) تأليف محمود مختار باشا تفصيل حنق الإنكليز على العثمانيين قبل الحرب بسنين. وفي هذا الكتاب العوامل الكثيرة في بيان الحالة التي عليها الأفكار الأوروبية تجاه العثمانيين وكانوا قد أنهكتهم الحروب ، فلم يدخلوا الحرب عن رغبة ، وليس لهم قوة ..