حادثة الحلة :
في ٣ المحرم سنة ١٣٣٥ ه الموافق ٣١ تشرين الأول سنة ١٩١٦ م كانت الحكومة عازمة على سوق متعب ورفقائه إلى الديوانية. وهم في سجن الحلة فقام بعض رجالهم ، ولحقهم عصاة من الأهلين بإغراء منهم ، فبلغوا المئات فهاجموا دار الحكومة معتمدين على ما عندهم من سلاح ، وكذا هاجموا الثكنة في الحلة أيضا ، فنهبوا ما هناك من أوراق رسمية ونقود ، وسلبوا الضباط ونهبوا ما عندهم ، وأخذوا أموال التجار ، وهكذا قاموا بكسر السجن وفك المسجونين وبينهم المذكورون.
وفي حين أن الدولة مشغولة بمقارعة الأعداء في الخارج والنضال معهم ، عصى هؤلاء على الدولة وأجبروها على ما أوقعوا من أعمال. نهبوا أرزاق الجيش ولم يبالوا بالصدام العنيف مع العدو ، وكان يفادي بنفسه في سوح القتال ، الأمر الذي دعا أن أصدر أمري في تأديب أهالي الحلة الذين ارتكبوا تلك الدناءات ، ووجهت مفرزة بقيادة عاكف بك قائممقام الخيالة ، وهذه متكونة من صنوف مختلفة ، فسارت في ١٤ تشرين الثاني سنة ١٩١٦ م (١٧ المحرم سنة ١٣٣٥ ه). وهذه القوة شغلت دار الحكومة والمباني والمؤسسات الأميرية ولم يترك العصاة في هذه الحالة السلاح ولا يزالون موقدين نيران الشر ، فاضطروا إلى قصف محلاتهم وهي الجامعين ، والطاقة ، وجبران ، فشغلها الجيش. وفي هذه الواقعة قتل من العصاة (٥٠) وقبض على مائة. وخربت مواطن (أكواخ) بعضهم ، ومن البساتين حاول العصاة الدخول إلى البلد ، فقتل الكثير منهم ، وقتل أحد أفراد الجندرمة الذي سلّم سلاحه إلى والده. وإن طائراتنا قصفت العصاة المتجمعين بين النخيل وألقت عليهم القنابل ، فقتلت ثمانية منهم. وإن خيالتنا تعقبوا العصاة وقتلوا منهم ستة أشخاص. وفي ١٧ تشرين الثاني سنة ١٩١٦ م (٢٠ المحرم سنة ١٣٣٥ ه) جمعت القوة أسلحة الأهلين واستمرت في تخريب بيوت العصاة.