قامت بفتحها الهيئة الإصلاحية لما بقي أثر للثقافة وأن الجرائد لا تسدّ مسدّها بوجه. فالتعليم المنظم ضروري. وإن من برز عندنا من الأفاضل كان نتيجة جد خاص ومواهب فائقة.
تابعت الدولة في تأسيساتها الدول الأخرى للتدخل في أمر الثقافة فجاءت ناقصة ضئيلة جدا ، فالمعرفة بعد أن كانت أهلية أفسدتها الحكومة في هذه التدخلات وعادت المملكة أمة لو لا ثقافتها المدرسية العلمية كما أن إضافة الأوقاف المندرسة إلى المعارف لم يرفع من مستواها. فالمدارس الجديدة لم يكن لها أثر يذكر.
وقبيل إعلان الدستور تكونت بعض المدارس الابتدائية للذكور والإناث ومدرسة للحقوق فكانت أهون الشرين. وهذه لا تفي بحاجة لمن لم يتقن لغته الأصلية (العربية) لضرورة البيان. وإن الدولة بعد إزعاج وإلحاح قبلت التدريس باللغة العربية ولكنها قلبت إعدادياتها إلى مكاتب سلطانية ففقدت الفائدة من تقرير اللغة العربية.
ولا ينكر أننا رأينا انكشافا في (عهد الدستور) من نواح أخرى من أهمها الصحافة الخارجية والداخلية ، وانتشار المطبوعات العلمية والأدبية ، والاتصالات بالأقطار القريبة والنائية ... فلم يكن الأمر مقصورا على المدارس الموجودة.
هذا. وإن الأهلين أسسوا مدارس جديدة. وإن نواب الأمة طالبوا بمؤسسات شبيهة بتشكيلات الدولة في ثقافتها ، وألحّوا في لزوم التدريس باللغة العربية. ففتح الدستور بابه للمطالبات بالإصلاح. ومن أهم ما هنالك ما يتعلق بالثقافة.
وكان يؤمل تقدم الثقافة لو لا أن الحرب العامة الأولى فاجأت الناس ، فدمرت المعاهد وخربت المدارس وقتل في الحرب الكثير من المثقفين ، وزالت معالم الدارسة ... فحلّت محلها الإدارة العرفية