شَرِيكٌ أَو ضِدٌّ أَو نِدٌّ.
وقال الفرَّاء في قول الله جَلَّ وعَزّ : (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ) [الرُّوم : ١٧] الآية فصلّوا لله (حِينَ تُمْسُونَ) وهي المغرب والعِشَاء ، (وَحِينَ تُصْبِحُونَ) صَلَاةَ الفَجْر ، (وَعَشِيًّا) العصر ، (وَحِينَ تُظْهِرُونَ) الأولى.
وكذلك قوله : (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) [الصَّافات : ١٤٣]. قال المفسرون : من المصلين.
وقال الليث : السُّبْحَةُ من الصَّلَاةِ : التَّطَوُّع.
وفي الحديث أن جبريل قال : «لله دون العرش سَبْعونَ حِجَاباً لو دَنَوْنَا من أحدها لأحرَقَتْنا سُبُحَاتُ وَجْه ربنا» قيل : يعني بالْسُبُحاتِ جَلالَه وعَظمتَه ونورَه.
وقال ابن شميل : سُبُحَاتُ وَجْهِه : نُورُ وَجْهه.
وأخبرني المُنْذِرِيُّ عن أبي العباس أنه قال : السُّبُحات : مَواضِعُ السُّجود.
وأما قول الله : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) [الإسرَاء : ٤٤] وقال أبو إسحاق : قيل : إنَّ كل ما خلق الله يسبِّحُ بحَمْدِه ، وإنَّ صَرِيرَ السَّقْفِ وصريرَ الباب من التسبيح ، فيكون على هذا الخطاب للمشركين وحدهم في (وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) ، وجائز أن يكون تَسْبِيحُ هذه الأشياء بما الله به أعلم لا يُفْقَهُ مِنْه إلَّا ما عُلِّمنا قال : وقال قوم : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) أي ما من شيءٍ إلا وفيه دليل أن الله جلّ وعزّ خالِقُه ، وأنَّ خالِقَه حكيمٌ مُبَرَّأٌ من الأسواء ، ولكنكم أيها الكفار لا تفقهون أثر الصَّنْعَةِ في هذه المخلوقات.
قال أبو إسحاق : وليس هذا بشيء لأن الذين خوطبوا بهذا كانوا مُقرِّين بأن الله خالقُهم وخالِقُ السماء والأرض ومَنْ فيهن ، فكيف يجهلون الخِلْقَة وهم عارفون بها.
قلت : وممّا يَدُلُّك على أن تسبيح هذه المخلوقات تَسبيحُ تُعِبِّدَتْ به قولُ الله جلّ وعزّ للجبال : (يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ) [سَبَإ : ١٠] ومعنى (أَوِّبِي) أي سَبِّحي مع داوُد النهارَ كلَّه إلى الليل ، ولا يجوز أن يكون معنى أمر الله جلّ وعزّ للجبال بالتأوِيبِ إلا تعبُّداً لها.
وكذلك قوله جلّ وعزّ : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) [الحَجّ : ١٨] إلى قوله : (وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ) [الحَجّ : ١٨] فسُجودُ هذه المخلوقات عبادةٌ منها لخالقها لا نَفْقَهُها عنها كما لا نَفْقَه تسبيحَها.
وكذلك قوله : (وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) [البَقَرَة : ٧٤] وقد علِم الله هُبوطَها من خَشَيتِه ، ولم يُعرِّفْنَا ذلك ، فنحن نؤمِن بما أَعْلَمَنا ولا نَدّعي بما لم نُكَلَّف بأفهامنا من عِلْمِ فِعلِها كَيفيّةً نَحُدُّها.
ومن صفات الله جلّ وعزّ السُّبُّوحُ القُدُّوسُ. قال أبو إسحاق : السُّبُّوحُ : الذي تَنزَّه عن