قال أبو بكر : واللغويون لا يعرفون هذا ، قال : ولعل هذا قد كان مُسْتَعْمَلاً في بعض الأزمان فَدَرَس فيما درس من الكلام.
قال : وقال الكسائي : قد درس من كلام العَرَب شيءٌ كثير.
وقال أبو عُبَيد : المسيحُ عيسَى أصله بالعبرانية مَشِيحا ، فَعُرِّب وغُيِّر ، كما قيل موسى ، وأصله مُوشَى.
قال أبو بكر : ورُوِي عن بعض المحدثين : المِسِّيح بكسر الميم والتشديد في الدّجّال.
قال حدثنا إسماعيلُ بن إسحاق عن عبد الله بن مَسْلَمة عن مالك عن نافع أن ابن عُمَر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أَرَاني الله عند الكعبة رجلا آدم كأحْسنِ مَن رأيت ، فقيل لي : هو المسيح ابن مريم ، قال وإذا أنا برجل جَعْد قططٍ أعور العَيْن اليُمْنَى كأنها عِنَبَةٌ طافية ، فَسَأَلتُ عنه ، فقيل لي : المِسِّيح الدَّجَّال ، قال : وهو فِعِّيل من المَسْح.
ثعلب عن ابن الأعرابي : المَسِيحُ : الصِّدِّيق ، وبه سُمَّي عيسى صلىاللهعليهوسلم ، قال : والمَسِيحُ الأَعْوَرُ ، وبه سُمِّي الدَّجَّال ، ونحوَ ذلك قال أبو عُبَيد.
وقال شمر : سُمِّي عِيسَى المَسيحَ لأنه مُسِحَ بالبركة.
وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم أنه قال : المَسِيحُ بن مريم : الصِّدِّيق ، وضد الصِّدِّيق المَسيحُ الدَّجّال أي الضِّلِّيل الكَذَّاب ، خلق الله المَسِيحَيْن أحدهما ضد الآخر ، فكان المَسِيحُ ابن مَرْيَم يُبْرِىءُ الأكمهَ والأبرصَ ويُحيِي الموتَى بإذنِ الله ، وكذلك الدجال يُحْيي الميت ويميت الحي ، وينشىء السحاب ، ويُنبت النبات ، فهما مَسِيحان : مَسِيحُ الهُدَى ، ومَسِيحُ الضلالة ، قال لي المُنْذِري : فقلت له بلغني أن عيسى إنما سُمِّي مَسِيحاً ، لأنه مُسِح بالبَرَكَة ، وسُمِّي الدَّجَّال مَسِيحاً ، لأنه مَمْسُوحُ العَيْن ، فأنكره وقال : إنما المَسِيحُ ضِد المَسيح ، يقال مَسَحَه الله أي خَلَقَه خَلْقاً حَسَناً مُبارَكا ، ومَسَحَه أي خَلَقَه قَبِيحاً مَلْعُوناً.
قال : ومَسَحْتُ النَّاقَةَ ومَسَخْتُها أي هَزَلْتُهَا وَأَدْبَرْتُها ، والعَرَبُ تقول : به مَسْحَةٌ من هُزَال ومَسْخةٌ من هُزَال ، وبه مَسْحَةٌ من سِمَن وجَمالٍ.
والشيءُ المَمسوحُ : القَبيحُ المَشْئوم المُغَيَّرُ عن خَلْقِه.
وقال ذو الرُّمَّة في المَسْحَة بمعنى الجمال :
على وَجْه مَيٍ مَسْحَةٌ من مَلَاحةٍ |
وتحْتَ الثِّياب الشَّيْن لوْ كان بادِيا |
وعن جرير بن عبد الله : ما رآني رسول الله مُذْ أسلمت إلَّا تَبَسَّم في وجهي ، وقال : «يَطْلع عليكم رجل من خِيَارِ ذي يَمَنٍ على وَجْهه مَسْحَةُ مَلَكٍ».
قال شمر : العرب تقول : هذا رجل عليه مَسْحَةُ جَمالٍ ومَسْحَةُ عِتْقٍ وكرَمٍ ، لا يُقَال إلا في المدْحِ ، ولا يُقَالُ : عليه مَسْحَةُ قَيْح وقد مُسِحَ بالعِتْقِ والكَرَم مَسْحاً.
وقال الكُمَيتُ :