أو ما رأيت المجد ألقى رحله |
|
في آل طلحة ، ثمّ لم يتحوّل (١) |
فإنه في إفادة أن آل طلحة أماجد ظاهر ، وكقول الآخر :
إذا الله لم يسق إلّا الكرام |
|
فسقّى وجوه بني حنبل (٢) |
وسقى ديارهم باكرا |
|
من الغيث في الزمن الممحل |
وكقول الآخر :
متى تخلو تميم من كريم |
|
ومسلمة بن عمرو من تميم (٣)؟ |
ثم قال :
والتعريض كما يكون كناية قد يكون مجازا ، كقولك : «آذيتني فستعرف» وأنت لا تريد المخاطب ، بل تريد إنسانا معه ، وإن أردتهما جميعا كان كناية.
تنبيه : أطبق البلغاء على أن المجاز أبلغ من الحقيقة.
وأن الاستعارة أبلغ من التصريح بالتشبيه.
وأن التمثيل على سبيل الاستعارة أبلغ من التمثيل لا على سبيل الاستعارة.
وأن الكناية أبلغ من الإفصاح بالذكر.
قال الشيخ عبد القاهر : ليس ذلك لأن الواحد من هذه الأمور يفيد زيادة في المعنى نفسه لا يفيدها خلافه ، بل لأنه يفيد تأكيدا لإثبات المعنى لا يفيده خلافه ؛ فليست فضيلة قولنا : «رأيت أسدا» على قولنا : «رأيت رجلا هو والأسد سواء في الشجاعة» أن الأول أفاد زيادة في مساواته للأسد في الشجاعة لم يفدها الثاني ، بل هي أن الأول أفاد تأكيدا لإثبات تلك المساواة له لم يفده الثاني ، وليست فضيلة قولنا : «كثير الرماد» على قولنا : «كثير القرى» أن الأول أفاد زيادة لقراه لم يفدها الثاني ؛ بل هي أن الأول أفاد تأكيدا لإثبات كثرة القرى له لم يفده الثاني.
والسبب في ذلك أن الانتقال في الجميع من الملزوم إلى اللازم ؛ فيكون إثبات
__________________
(١) البيت من الكامل ، وهو في ديوان البحتري ٣ / ١٧٤٩ ، ودلائل الإعجاز ص ٢٤٠ ، والطراز ١ / ٤٢٤.
(٢) البيتان من المتقارب ، والبيت الأول لعبد الرحمن بن حسان بن ثابت ، أو لعروة بن جلهمة المازني في لسان العرب (ربب) ، وتاج العروس (ربب) ، ولزهير السكب التميمي المازني في الأغاني ٢٢ / ٢٧٠.
(٣) البيت من الوافر ، وهو بلا نسبة في دلائل الإعجاز ص ٢٤١ ، والطراز ٢ / ٤٢٤.