يصف حال رسول الروم داخلا على سيف الدولة فينزع فى وصف الممدوح بالكرم إلى الاستعارة التصريحية ، والاستعارة كما علمت مبنية على تناسى التشبيه والمبالغة فيها أعظم وأثرها فى النفوس أبلغ.
أو يقول :
دعوت نداه دعوة فأجابنى |
|
وعلّمنى إحسانه كيف آمله |
فيشبّه ندى ممدوحه وإحسانه بإنسان ، ثم يحذف المشبه به ويرمز إليه بشىء من لوازمه ، وهذا ضرب آخر من ضروب المبالغة التى تساق الاستعارة لأجلها.
أو يقول :
«ومن قصد البحر استقلّ السّواقيا»
فيرسل العبارة كأنها مثل ، ويصوّر لك أن من قصد ممدوحه استغنى عمن هو دونه ، كما أن قاصد البحر لا يأبه للجداول فيعطيك استعارة تمثيلية لها روعة وفيها جمال ، وهى فوق ذلك تحمل برهانا على صدق دعواه وتؤيد الحال التى يدعيها.
أو يقول :
ما زلت تتبع ما تولى يدا بيد |
|
حتّى ظننت حياتى من أياديكا |
فيعدل عن التشبيه والاستعارة إلى المجاز المرسل ، ويطلق كلمة «يد» ويريد بها النعمة لأن اليد آلة النعم وسببها.
أو يقول :
أعاد يومك أيّامى لنضرتها |
|
واقتص جودك من فقرى وإعسارى |
فيسند الفعل إلى اليوم وإلى الجود على طريقة المجاز العقلى.
أو يقول :
فما جازه جود ولا حل دونه |
|
ولكن يسير الجود حيث يسير |
فيأتى بكناية عن نسبة الكرم إليه بادعاء أن الجود يسير معه دائما ،