(٧)
اشرح قول المتنبى بإيجاز ، واذكر ما أعجبك فيه من التصوير البيانى :
رمانى الدّهر بالأرزاء حتى |
|
فؤادى فى غشاء من نبال (١) |
فصرت إذا أصابتنى سهام |
|
تكسّرت النّصال على النصال (٢) |
(٥) بلاغة الاستعارة
سبق لك أن بلاغة التشبيه آتية من ناحيتين : الأولى تأليف ألفاظه ، والثانية ابتكار مشبه به بعيد عن الأذهان ، لا يجول إلا فى نفس أديب وهب الله له استعدادا سليما فى تعرّف وجوه الشّبه. الدقيقة بين الأشياء ، وأودعه قدرة على ربط المغانى وتوليد بعضها من بعض إلى مدى بعيد لا يكاد ينته.
وسرّ بلاغة الاستعارة لا يتعدى هاتين الناحيتين ، فبلاغتها من ناحية اللفظ أنّ تركيبها يدل على تناسى التشبيه ، ويحملك عمدا على تخيّل صورة جديدة تنسيك روعتها ما تضمّنه الكلام من تشبيه خفى مستور.
انظر إلى قول البحترى فى الفتح بن خاقان :
يسمو بكف على العافين حانية |
|
تهمى وطرف إلى العلياء طمّاح (٣) |
ألست ترى كفه وقد تمثّلت فى صورة سحابة هتّانة تصبّ وبلها على العافين السائلين ، وأنّ هذه الصورة قد تملكت عليك مشاعرك فأذهلتك عما اختبأ فى الكلام من تشبيه؟
__________________
(١) الأرزاء : المصائب ، والغشاء : الغلاف ، والنبال : السهام العربية ، يقول : كثرت على مصائب الدهر حتى لم يبق من قلبى موضع إلا أصابه سهم منها فصار فى غلاف من السهام.
(٢) النصال : حدائد السهام ، يقول : صرت بعد ذلك إذا أصابتنى سهام من تلك المصائب لا تجد لها موضعا تنفذ منه إلى قلبى ، وإنما تقع نصالها على نصال السهام التى قبلها فتنكسر عليها.
(٣) العافين : سائلى المعروف ، وحانية : عاطفة شفيقة ، وتهمى : تسيل ، والطرف : البصر ، والطماح : الذى يغالى فى طلب المعالى والسعى وراءها.