(٥) قال مروان بن أبى حفصة (١) من قصيدة طويلة برثى بها معن بن زائدة (٢) :
مضى لسبيله معن وأبقى |
|
مكارم لن تبيد ولن تنالا (٣) |
كأن الشّمس يوم أصيب معن |
|
من الإظلام ملبسة ظلالا |
هو الجبل الّذى كانت نزار |
|
تهدّ من العدوّ به الجبالا (٤) |
فإن يعل البلاد له خشوع |
|
فقد كانت تطول به اختيالا (٥) |
أصاب الموت يوم أصاب معنا |
|
من الأحياء أكرمهم فعالا (٦) |
وكان النّاس كلهم لمعن |
|
إلى أن زار حفرته عيالا (٧) |
(٦) وقال آخر :
فما لى حيلة إلّا رجائى |
|
لعفوك إن عفوت وحسن ظنّى |
فكم من زلّة لى فى الخطايا |
|
عضضت أناملى وقرعت سنّى (٨) |
يظنّ النّاس بى خيرا وإنّى |
|
لشرّ الخلق إن لم تعف عنّى |
(٧) قال أبو نواس فى مرض موته :
دبّ فىّ السّقام سفلا وعلوا |
|
وأرانى أموت عضوا فعضوا |
ذهبت جدّتى بطاعة نفسى |
|
وتذكّرت طاعة الله نضوا (٩) |
__________________
(١) ولد مروان باليمامة ، وقدم بغداد ومدح المهدى وهارون الرشيد ، واتصل بمعن بن زائدة ومدحه ورثاه بقصائد غراء فضل بها على شعراء زمانه ، وتوفى ببغداد سنة ١٨١ ه.
(٢) هو أبو الوليد معن بن زائدة ، كان جوادا شجاعا جزيل العطاء ، خصه مروان ابن أبى حفصة بأكثر مدائحه وقد عاش فى دولتى بنى أمية وبنى العباس ، ثم قتله قوم من الخوارج سنة ١٥١ ه.
(٣) لن تبيد ولن تنال : أى لن يفنى ذكرها ولن يستطيع أحد أن يكون له مثلها.
(٤) نزار قبيلة من قبائل العرب أبوها نزار بن معد.
(٥) الخشوع : السكون وغض الصوت والبصر ، تطول : تمتد ، والاختيال : الكبر ، يقول : إن أصاب البلاد لموته خشوع غض من أبصارها فقد رفعت بحياته رأسها مباهاة وكبرا.
(٦) الفعال بالفتح : الفعل وهو مصدر كالذهاب.
(٧) عيال الرجل : من يعولهم وهو جمع عيل.
(٨) عضضت أناملى وقرعت سنى : أى ندمت من أجلها.
(٩) جد الشىء جدة صار جديدا ، والنضو : الثوب الخلق والبعير المهزول ، يقول : أنه أطاع هواه فى أيام شبابه ولم يتذكر طاعة الله إلا وقت الهرم والضعف.