الصفتين قوية ، فضاهاه بالأسد فى الأولى ، وبالسيف فى الثانية ، وبيّن هذه المضاهاة بأداة هى الكاف.
وفى البيت الثالث وجد الشاعر أخلاق صديقه دمثة لطيفة ترتاح لها النفس ، فعمل على أن يأتى لها بنظير تتجلّى فيه هذه الصّفة وتقوى ، فرأى أن نسيم الصباح كذلك فعقد المماثلة بينهما ، وبيّن هذه المماثلة بالحرف «كأن».
وفى البيت الرابع عمل الشاعر على أن يجد مثيلا للماء الصافى تقوى فيه صفة الصفاء ، فرأى أن الفضة الذائبة تتجلّى فيها هذه الصفة فماثل بينهما ، وبيّن هذه المماثلة بالحرف «كأن».
فأنت ترى فى كل بيت من الأبيات الأربعة أن شيئا جعل مثيل شىء فى صفة مشتركة بينهما ، وأن الذى دلّ على هذه المماثلة أداة هى الكاف أو كأن ، وهذا ما يسمّى بالتشبيه ، وقد رأيت أن لا بدّ له من أركان أربعة : الشىء الذى يراد تشبيهه ويسمى المشبه ، والشىء الذى يشبّه به ويسمى المشبه به ، (وهذان يسميان طرفى التشبيه) ؛ والصفة المشتركة بين الطرفين وتسمى وجه الشبه ، ويجب أن تكون هذه الصفة فى المشبّه به أقوى وأشهر منها فى المشبّه كما رأيت فى الأمثلة ، ثم أداة التشبيه وهى الكاف وكأن ونحوهما (١).
ولا بد فى كل تشبيه من وجود الطرفين ، وقد يكون المشبه محذوفا للعلم به ولكنه يقدّر فى الإعراب ، وهذا التقدير بمثابة وجوده كما إذا سئلت «كيف على»؟ فقلت : «كالزهرة الذابلة» فإن «كالزهرة» خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير هو الزهرة الذابلة ، وقد يحذف وجه الشبه ، وقد تحذف الأداة. كما سيبين لك فيما بعد.
__________________
(١) أداة التشبيه إما اسم ، نحو شبه ومثل ومماثل وما رادفها ، وإما فعل ، يشبه ويماثل ويضارع ويحاكى ويشابه ، وإما حرف ، وهو الكاف وكان.