الثاني : أن يكون على معنى التّبيّن ، أي أتغضب إن تبيّن في المستقبل أن أذني قتيبة حزّتا فيما مضى ، كما قال الآخر [من الطويل] :
٣٠ ـ إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة |
|
ولم تجدي من أن تقرّي به بدّا |
أي : يتبيّن أني لم تلدني لئيمة.
وقال الخليل والمبرّد : الصواب «أن أذنا» بفتح الهمزة من «أن» ، أي : لأن أذنا ، ثم هي عند الخليل «أن» النّاصبة ، وعند المبرّد أنّها «أن» المخفّفة من الثقيلة.
ويردّ قول الخليل أنّ «أن» الناصبة لا يليها الاسم على إضمار الفعل ، وإنما ذلك لـ «إن» المكسورة ، نحو : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ) [التوبة : ٦].
وعلى الوجهين
______________________________________________________
والوجه الثاني : (أن يكون على معنى التبيين أي : أتغضب أن تبين في المستقبل أن أذني قتيبة حزتا فيما مضى كما قال) هو أي الشاعر :
(إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة |
|
ولم تجدي من أن تقري به بدا (١) |
أي : يتبين أني لم تلدني لئيمة) برفع يتبين لا بجزمه جوابا لإذاما ؛ لأنها لا تجزم إلا شاذا قال الجوهري : وقولهم لا بد من كذا كأنه قيل لا فراق منه ، ويقال البد العوض ، ومن أن تقري متعلق ببدا وضمير به يعود إلى القول المتقدم أي لم تجدي بدا من إقرارك بما قلته من أني لم تلدني لئيمة ، يقول : إذا ما ذكرنا أنسابنا علمت يا هذه أني لست بابن لئيمة وظهر لك ما يلجئك إلى الاعتراف بذلك ، وإنما قال لم تلدني لئيمة ؛ لإن الأم إذا كانت من الكرام فالأب أولى ؛ لأن العرب لا يزوجون من هو دونهم وربما تزوجوا من دونهم.
(وقال الخليل والمبرد : الصواب أن أذنا بفتح الهمزة) من أن (أي : لأن أذنا ، ثم هي عند الخليل أن الناصبة) الخفيفة بحسب الوضع (وعند المبرد أنها المخففة من الثقيلة) واسمها ضمير شأن محذوف والجملة الاسمية خبره (ويرد قول الخليل الناصبة لا يليها الاسم على إضمار الفعل ، وإنما ذلك ؛ لإن المكسورة نحو (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ) [التوبة : ٦]) وعلى تخريج الخليل يلزم أن يكون مرفوعا بفعل محذوف يفسره المذكور بعده ، أي : إن حزت أذنا قتيبة ، فيكون الاسم قد وليها على إضمار الفعل ، وانظر لم امتنع ذلك (وعلى الوجهين)
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو لزائد بن صعصعة الفقعسي في حاشية الأمير على المغني ١ / ٢٥ ، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص ٢٠٥.