٤ / ٣١ البحث الرابع : قد يذكر شيئان ويعاد الضمير على أحدهما ، ثم الغالب كونه للثاني ، كقوله تعالى : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) [٢٥٤ / أ] (وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ) (البقرة : ٤٥) ، فأعاد الضمير للصلاة لأنها أقرب. وقوله : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ) (يونس : ٥) والأصل : «قدرهما» لكن اكتفى برجوع الضمير للقمر لوجهين : قربه من الضمير ، وكونه هو الذي يعلم به الشهور ، ويكون به حسابها. وقوله : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ) (التوبة : ٣٤) ، أعاد الضمير على الفضة لقربها. ويجوز أن يكون إلى المكنوز ، وهو يشملها. وقوله : ([وَاللهُ] (١) وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) (التوبة : ٦٢) ، أراد يرضوهما ، فخصّ الرسول بالعائد ، لأنه هو داعي العباد إلى الله ، وحجته عليهم ، والمخاطب لهم شفاها بأمره ونهيه ، وذكر الله تعالى في الآية تعظيما ، والمعنى تام بذكر الرسول وحده ، كما قال تعالى : (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) (النور : ٤٨) ، فذكر الله تعظيما ، والمعنى تام بذكر رسوله. ومثله قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ) (الأنفال : ٢٠).
وجعل منه ابن الأنباريّ (٢) : (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ [بَرِيئاً]) (٣) (النساء : ١١٢) (٣) [أعاد الضمير للإثم ، لقربه ، ويجوز رجوعه إلى الخطيئة والإثم على لفظها ، بتأويل : ومن يكسب إثما ثم يرم به] (٣). وقال ابن الأنباري : ولم يؤثر الأوّل بالعائد في القرآن كلّه إلا في موضع واحد ، وهو قوله تعالى : (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها) (الجمعة : ١١) ، معناه «[انفضوا] (٤) إليهما» ، فخصّ التجارة بالعائد ، لأنّها كانت سبب الانفضاض عنه ، وهو يخطب.
٤ ـ / ٣٢ (قال) : فأما كلام العرب فإنها تارة تؤثر الثاني بالعائد وتارة الأول ، فتقول : إن عبدك وجاريتك عاقلة ، وإن عبدك وجاريتك (٥) عاقل. (قلت) : ليس من هذا قوله تعالى : (وَإِذا
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) لعلّه محمد بن القاسم أبو بكر تقدم التعريف به في ١ / ٢٩٩.
(٣) ليست في المخطوطة.
(٤) ليست في المطبوعة.
(٥) في المخطوطة زيادة (إن عبدك وجاريتك ليس بعاقل).