وقوله تعالى مخبرا عن منكري البعث : (ما هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا) (١) (الجاثية : ٢٤) أي نحيا ونموت. وقوله : (سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ) (الحاقة : ٧) ، والأيام هنا قبل الليالي ، إذ لو كانت الليالي قبل الأيام كانت الأيام مساوية للّيالي وأقلّ.
قال الصفّار (٢) : ولو كان على ظاهره لقال : «سبع ليال وستة أيام» ، أو «سبعة أيام» ، وأما «ثمانية» فلا يصح على جعل الواو للترتيب.
(فائدة) : قوله تعالى : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) (المدثر : ١١) ، (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ) (المزمل : ١١) أجاز أبو البقاء (٣) كون الواو عاطفة ، وهو فاسد ؛ لأنّه يلزم فيه أن يكون الله تعالى أمر نبيه عليهالسلام أن يتركه ، وكأنه قال : اتركني واترك من خلقت وحيدا ، وكذلك : اتركني واترك المكذبين ، فتعيّن أن يكون المراد : خلّ بيني وبينهم ، وهو واو «مع» كقولك : لو تركت الناقة وفصيلها لرضعها.
(٤) [ومن الثالث قوله تعالى : (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) (القيامة : ٩) فلا يتصور أن يتقدم أحدهما الآخر] (٤).
والثاني : واو الاستئناف ، وتسمى واو القطع والابتداء ؛ وهي التي يكون بعدها جملة غير متعلقة بما قبلها في المعنى ، ولا مشاركة في الإعراب ، ويكون بعدها الجملتان. فالاسمية ، كقوله تعالى : (ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) (الأنعام : ٢).
والفعلية ، كقوله : (لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ) (الحج : ٥) (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا* وَيَقُولُ الْإِنْسانُ) (مريم : ٦٥ ـ ٦٦) والظاهر أنّها الواو العاطفة ؛ لكنها تعطف الجمل التي لا محل لها من الإعراب لمجرد الربط ؛ وإنّما سميت واو الاستئناف لئلا يتوهم أن ما بعدها من المفردات معطوف على ما قبلها.
__________________
(١) الآية في المخطوطة (إِنْ هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا) (المؤمنون : ٣٧).
(٢) هو القاسم بن علي البطليوسي تقدم التعريف به في ٢ / ٤٥١.
(٣) انظر كتابه إملاء ما منّ به الرحمن (طبعة دار الكتب العلمية) ٢ / ٢٧١ (المزمّل) ٢٧٣ ، (المدثر).
(٤) ما بين الحاصرتين ليس في المطبوعة.