وإن كانا جميعا بيده ؛ لكن الخير يضاف إلى الله تعالى إرادة محبة ورضا ، والشر لا يضاف إليه إلاّ إلى مفعولاته ؛ لأنه لا يضاف إلى صفاته ولا أفعاله ، بل كلّها كمال لا نقص فيه. وهذا معنى قوله : «والشرّ ليس إليك» (١) ؛ وهو أولى من تفسير من فسره : [بأنه] (٢) لا يتقرّب [به] (٣) إليك.
وتأمل قوله : (فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَ) (يوسف : ٣٤) فأضافه إلى نفسه ، حيث صرفه ، ولما ذكر السجن أضافه إليهم فقال : (لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ) (يوسف : ٣٥) وإن كان سبحانه هو الذي سبّب السجن له ، وأضاف ما منه الرحمة إليه ، وما منه الشدة إليهم.
ومنه قوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليهالسلام : (وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) (الشعراء : ٨٠) ولم يقل : «أمرضني».
وتأمل جواب الخضر عليهالسلام عمّا فعله ، حيث قال في إعابة السفينة : (فَأَرَدْتُ) (الكهف : ٧٩) وقال في الغلام : (فَأَرَدْنا) (الكهف : ٨١) وفي إقامة الجدار : (فَأَرادَ رَبُّكَ) (الكهف : ٨٢).
٤ ـ / ٦٠ قال الشيخ صفيّ الدين بن أبي المنصور في كتاب «فك الأزرار عن عنق الأسرار» (٤) : لما أراد ذكر العيب للسفينة نسبه لنفسه أدبا مع الربوبية ، فقال : «فأردت» ، : ولما [كان] (٥) قتل الغلام مشترك الحكم بين المحمود والمذموم ، استتبع نفسه مع الحق ، فقال في الإخبار بنون الاستتباع ، ليكون المحمود من الفعل ـ وهو راحة أبويه المؤمنين من كفره ـ عائدا على
__________________
(١) قطعة من حديث طويل من رواية علي بن أبي طالب رضياللهعنه ، أخرجه مسلم في الصحيح ١ / ٥٣٤ ـ ٥٣٥ كتاب صلاة المسافرين وقصرها (٦) ، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه (٢٦) ، الحديث (٢٠١ / ٧٧١) وبدايته «عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه كان إذا قام إلى الصلاة قال : وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض ...».
(٢) ليست في المطبوعة.
(٣) ليست في المخطوطة.
(٤) ذكره إسماعيل باشا البغدادي في «إيضاح المكنون» ٤ / ٢٠٠ وقال (فك الأزرار عن عنق الأنوار وهتك الأستار عن معادن الأسرار ، تأليف سراج الدين عمر بن أبي بكر اليمني المتوفى سنة ... ، أوله قال : صحبت في بلاد اليمن علماء وفضلاء) ، والكتاب مخطوط بدار الكتب المصرية ١ / ٥٧ (بروكلمان ، الذيل ٢ / ٩٨٨) ، أما مؤلفه فلم نجد له ترجمة ، ولعله عمر بن أبي بكر بن أبي حنال ، من أصحاب الإمام يحيى بن أبي الخير (من علماء القرن ٦ ه) ، ذكره الجعدي في طبقات فقهاء اليمن ص ٢٠٢.
(٥) ليست في المخطوطة.