ـ (والثاني) : أن يكون باعتبار عمل لم يوجد في المعطوف ؛ إلا أنه مقدّر [في] (١) الوجود لوجود طالبه ؛ فهو العطف على الموضع ، نحو ، ليس زيد بقائم ولا ذاهبا ؛ بنصب «ذاهبا» عطفا على موضع «قائم» لأنه خبر ليس.
ومن أمثلته قوله تعالى : (وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ) (هود : ٦٠) ؛ بأن يكون «يوم القيامة» معطوفا على محلّ «هذه» ، ذكره الفارسيّ (٢).
وقوله : (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ [فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ]) (٣) (الأعراف : ١٨٦) ؛ في قراءة الجزم (٤) إنه بالعطف على محل (فَلا هادِيَ لَهُ).
وجعل الزمخشري وأبو البقاء (٥) منه قوله تعالى : (لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرى) (الأحقاف : ١٢) ، [إن «بشرى»] (٦) في محل نصب بالعطف على محل «لينذر» لأنه مفعول له.
وغلطا في ذلك ؛ لأن شرطه في ذلك أن يكون الموضع بحقّ الأصالة والمحل (٧) ليس هنا كذلك ؛ لأن الأصل هو الجر في المفعول له ؛ وإنما النصب ناشئ عن إسقاط الخافض.
وجوز الزمخشريّ (٨) أيضا في قوله تعالى : (وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ) (الأنعام : ٩٦) ، كون «الشمس» معطوفا على محل «الليل».
ـ (والثالث) : أن يكون باعتبار عمل لم يوجد هو ولا طالبه ، هو العطف على التوهم ،
__________________
(١) ليست في المطبوعة.
(٢) هو أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي تقدم التعريف به في ١ / ٣٧٥.
(٣) ليست في المخطوطة.
(٤) قال البنا الدمياطي في «إتحاف فضلاء البشر» ص ٢٣٣ سورة الأعراف (واختلف في (وَيَذَرُهُمْ ...) ، وقرأ حمزة والكسائي وخلف بالياء وجزم الراء عطفا على محل قوله تعالى (فَلا هادِيَ لَهُ) ووافقهم الأعمش).
(٥) انظر «الكشاف» ٣ / ٤٤٥ عند تفسير سورة الأحقاف ، وانظر لأبي البقاء العكبري «إملاء ما من به الرحمن» ٢ / ٢٣٤ سورة الأحقاف.
(٦) ليست في المخطوطة.
(٧) في المخطوطة (والأصل).
(٨) انظر «الكشاف» ٢ / ٢٩ عند تفسير الآية من سورة الأنعام.