بجانب الشريف من ناحية ، وحسان باشا الذى كان يجلس على الجانب الآخر من ناحية ثانية. حسان باشا هذا كان رئيسا للجنود الأرناءوط ، وكان هناك حوالى ثلاثين من كبار ضباطه أو أربعين يشكلون نصف دائرة حول الأريكة التى كانوا يجلسون عليها ، وكان هناك عدد من شيوخ البدو جالسين فى المنتصف على شكل شبه دائرة. قصدت إلى الباشا مباشرة وألقيت عليهالسلام وقبلت يده ، وأشار إلىّ بالجلوس إلى جانب القاضى ، وراح يخاطبنى بأدب جم ، وسألنى عن حالتى الصحية ، وسألنى عما إذا كانت لدى أخبار عن المماليك فى ذلك البلد الأسود الذى سبق أن زرته ، لكنه لم يتطرق إلى أهم موضوع عندى. كان أمين أفندى المترجم العربى مع الباشا هو الذى تولى الترجمة فيما بيننا ، لأنى لا أتكلم اللغة التركية ، ونظرا لأن الباشا لم يكن يتقن العربية. وفى غضون خمس دقائق استأنف محمد على باشا الموضوع الذى كان يناقش البدو فيه ، عندما قاطعت حديثهم. بعد أن انتهى الباشا من حديثه مع البدو ، وبعد أن غادر حسان باشا الغرفة ، طلب الباشا من الجميع الخروج من المجلس ما عدا القاضى وبوسارى وأنا معهما. توقعت أن يختبرونى ، وكنت مستعدا لذلك تمام الاستعداد ولكن لم يتطرق الحديث إلى أمورى الشخصية ، بل إن محمد على نفسه لم يتطرق فى أى حوار من الحوارات التى دارت بينى وبينه فيما بعد إلى أمر من أمورى الشخصية ، اللهم إلا من تلميحه إلى أنى كنت فى طريقى إلى جزر الهند الشرقية. وعندما أصبحنا بمفردنا وحدنا ، أنا وهو ، أقحم الباشا موضوع السياسة ، فقد وصلته مؤخرا أنباء دخول الحلفاء باريس وانسحاب بونابرت إلى جزيرة إلبا ، وأن مجلات مالطية متعددة أوردت تفاصيل هذه الأحداث ، وأن هذه المجلات أرسلت إليه من القاهرة. يبدو أن الباشا كان شديد الاهتمام بهذه الأحداث المهمة ، نظرا لأنه كان يعمل فى ظل انطباع مفاده أن بريطانيا بعد سقوط بونابرت يحتمل أن تذهب إلى تدعيم القوة فى البحر المتوسط وتعضيدها ، ومن ثم القيام بغزو مصر.
بعد أن بقيت مع الباشا مدة ثلاث ساعات أو أربع فى حوار خاص ، إما بالحديث معه باللغة العربية من خلال القاضى الذى كان يعرف العربية معرفة جيدة ، على الرغم