كان محمد على باشا يود أن يقف على رأيى فيما يتعلق بعدد القوات المطلوبة للدفاع عن مصر ضد أى جيش أجنبى ، وأجبته بأنى لا أعرف شيئا عن الحرب إلا بقدر قراءتى فى الكتب. رد على متعجبا : «لا ، لا ، أنتم أيها الرحالة تكونون مفتوحى الأعين دوما ، وتسألون عن كل شىء». أصر محمد على على سؤاله ، وأمام إلحاحه على إجابتى عن سؤاله قلت له : إن حوالى خمس وعشرين ألفا من القوات المنتقاة يمكن أن تصد أى هجوم. قال : «أنا لدىّ حاليا ثلاثة وثلاثون ألفا». وهذا تأكيد كاذب ، لأنى على يقين من أن عدد جنود محمد على فى ذلك الوقت لم يكن يزيد بأى حال من الأحوال عن ستة عشر ألف رجل ، موزعين فى سائر أنحاء مصر والحجار.
وهنا راح محمد على يشرح لى النظام الجديد ، الخاص بالنظم والقوانين العسكرية. قال إن جشع الرؤساء وليس استياء الجنود هو الذى عرقل إنشاء جيش عالى التنظيم فى تركيا ، واعترض أيضا على فكرة منع الضباط من فرض إتاوات على الخزانة العامة ، وأردف محمد على قائلا : «لكنى سوف أشكل فيلقا نظاميا من الجنود الزنوج». مسألة تشكيل فيلق من الزنوج هذه حاول سلفه خورشيد باشا تنفيذها لكنه لم يصب فيها نجاحا كبيرا. مسألة النظام الجديد هذه استؤنفت على الفور عقب عودة محمد على باشا إلى مصر من حملته على الحجاز ، لكن تمرد الجنود الذين سلبوا عاصمته ونهبوها اضطرته إلى التخلى عن تنفيذ فكرة النظام الجديد هذه ، التى جرى التخطيط لها بصورة سيئة. فى سياق حديثه عن الدفاع عن مصر قال محمد على : إنه ينبغى أن يركز ، فى بداية الأمر ، على خيّالته من ناحية ومدفعية الخيالة من الناحية الأخرى ، على أن تقوم الخيالة بتدمير المؤن والتموينات قبل العدو ، على غرار ما فعله الروس مؤخرا ، على أن تقوم مدفعية الخيول بمداهمة الأعداء من جميع الجوانب ، دون التوقف مطلقا.
أثناء مقامى فى الطائف وصلت رسائل من إسطنبول عن طريق الصحراء ومن خلال دمشق ، تحمل إلى الباشا ترجمة تركية لمعاهدة السلام التى أبرمت فى باريس. بعد أن قرأ الباشا هذه الترجمة مرات عدة ، أمر كاتبه التركى أن يترجمها إلى اللغة