معلوماتى عن الطائف جد قليلة ، ولم أدونها على الورق إلا بعد مغادرتى لها ، وأنا لم تتهيأ لى فرصة الانفراد بنفسى يوم أن كنت فى الطائف. لم يكن لدىّ معارف كثيرة حتى أستقى منهم معلومات ، يزاد على ذلك أن قلة قليلة من أفراد الطبقة العالية الذين كنت أعيش بينهم ، يندر أن يخرجوا من منازلهم أثناء النهار فى رمضان.
مدينة الطائف تقع وسط سهل رملى ، يقدر محيطه بمسير حوالى أربع ساعات ، وهذا السهل تنمو فيه الأشجار الكثيفة ، وتحيط به الجبال التى يسميها الناس هنا جبل غزوان ، جبل غزوان هذا عبارة عن صخور فرعية من سلسلة رئيسية ، تمتد إلى مسافة مسير أربع ساعات أو خمس فى اتجاه الشرق ، ثم تنخفض بعد ذلك فى السهل ، والطائف عبارة عن مربع غير منتظم ، يصل محيطه إلى مسير حوالى خمس وثلاثين دقيقة بالخطوة السريعة ، كما أنها محاطة بسور وخندق أنشأه مؤخرا عثمان المضايفة ، هذا السور فيه ثلاث بوابات وتحرسه ثلاثة أبراج ، لكنه أقل صلابة من أسوار جدة ، والمدينة (المنورة) وينبع ، ويصل سمكه فى بعض أجزائه إلى ثمانى عشرة بوصة. على الجانب الغربى من السور ، من داخل المدينة ، توجد قلعة مقامة على أرض صخرية مرتفعة ، وهذه القلعة تشكل جزءا من السور. الشريف غالب هو الذى بنى هذه القلعة ، لكن لا يطلق عليها اسم القلعة ، اللهم باستثناء أنها أكبر من المبانى الأخرى التى فى المدينة (الطائف) ، وأن جدرانها الحجرية أقوى من جدران المبانى الأخرى. وعلى الرغم من أن هذه القلعة شبه مخربة حاليا ، فإن محمد على جعل منها مركزا للرئاسة. منازل الطائف صغيرة فى معظمها ، لكنها مبنية من الحجر ، غرف الاستقبال فى الطابق العلوى ، وأنا لم أر غرف استقبال فى الدور الأرضى ، كما هو الحال فى تركيا. شوارع الطائف أوسع من شوارع المدن الشرقية والمكان العام الوحيد الموجود أمام القلعة ، عبارة عن مساحة واسعة مفتوحة يستخدمها الناس سوقا.
يمكن وصف الطائف فى وضعها الراهن بأنها مخربة ، إذ إن قلة قليلة من منازلها هى التى بحالة جيدة ؛ فقد دمر الوهابيون السواد الأعظم من بيوت الطائف ومبانيها ، وذلك عندما استولوا عليها فى عام ١٨٠٢ م ونظرا لمغادرة الناس لتلك المدينة منذ ذلك