جوار بعضهما يعد مساحة كافية لعرض الشارع. ومع هذا كان من الضرورى فى مكة أن يكون المرور واسعا وحرا ، تحسبا للجماهير الغفيرة التى تتجمع فى هذا البلد ، يضاف إلى ذلك أن من الضرورى أن تكون النوافذ على هذا النحو فى المنازل المعدة لاستقبال هذه الأعداد الكبيرة من الحجاج والمسافرين.
مكة ، مدينة مفتوحة من الجوانب كلها ، والجبال القريبة منها إذا ما أحسن الدفاع عنها يمكن أن تكون حاجزا قويا ومانعا قويا أيضا فى وجه العدو. كان لمكة فى الأزمان السابقة ثلاثة أسوار لحماية أطراف المدينة ، واحد من تلك الأسوار الثلاثة جرى بناؤه عبر (الوادى) عند شارع المعالة ، والثانى جرى بناؤه فى حى الشبيكة ، والثالث فى الوادى المفتوح على المسفلة. هذه الأسوار الثلاثة جرى ترميمها فى العامين الهجريين ٨١٨ و ٨٢٨ ، وفى القرن الماضى كانت لا تزال هناك بعض من آثار هذه الأسوار (*).
المكان العام الوحيد فى المدينة كلها هو الميدان الفسيح الخاص بالحرم ، ليس فى المدينة أشجار أو بساتين تسر الناظرين ، والمشهد لا يعج بالحيوية والحياة إلا فى موسم الحج ؛ نظرا للأعداد الكبيرة من الدكاكين المليئة بالبضائع التى توجد فى سائر أحياء المدينة ، وإذا ما استثنينا أربعة منازل أو خمسة مملوكة للشريف غالب ، نجد أن هناك مدرستين (تحولتا إلى مخازن للغلال فى الوقت الراهن) ، ونجد أيضا الجوامع هى والمبانى والمتنزهات الملحقة بها. مكة ليس فيها من المبانى العامة ما يمكن أن تتفاخر أو تتباهى به ، ولذلك فهى فى هذا الصدد تعانى عجزا أكثر من أية مدينة شرقية أخرى لها حجم مكة. والمدينة خالية من الخانات ، المطلوبة لإقامة المسافرين ، أو لتخزين البضاعة ، وليس فيها قصور لعلية القوم والأعيان ، أو مساجد
__________________
(*) راجع الأزرقى ، والفاسى وقطب الدين.