تزين كل حى من أحياء المدينة كما هو الحال فى مدن الشرق الأخرى ، ونحن قد نعزى افتقار مكة إلى المبانى الفخمة ، إلى التوقير والتقدير اللذان يسبغهما أهل مكة على المسجد الحرام ، هذا يمنع أهل مكة من إنشاء أى مبنى يمكن أن يكون منافسا للحرم.
طريقة البناء فى مكة هى أيضا الطريقة المتبعة فى جدة ، إضافة إلى أن نوافذ منازل مكة تطل على الشارع ، عدد كبير من النوافذ فى مكة تبرز من الحائط ، لكن إحدى هذه النوافذ محفورة حفرا جيدا ، أو مدهونة دهانا جيدا ، ومن أمام هذه النوافذ تتدلى بعض الستائر المصنوعة من البوص الرفيع ، وهذه الستائر تمنع الذباب والنمل فى الوقت الذى تسمح فيه هذه النوافذ بتجدد الهواء. كل منزل من منازل مكة له شرفته الخاصة ، وأرضية هذه الشرفة (المكونة من خلطة من الحجر الحجرى) مبنية بميل خفيف ، حتى يمكن لمياه الامطار أن تندفع من خلال الميازيب إلى الشارع ، وسبب ذلك أن المطر شحيح فى مكة ، على نحو لا يساوى مشقة تجميع مثل هذا الماء فى خزانات ، مثلما يحدث فى سوريا. شرفات المنازل هنا بجدران خفيفة على شكل حاجز ، وسبب ذلك هو أن أهل الشرق كلهم ، يعتبرون ظهور الرجل فى شرفة المنزل شيئا سيئا ، إذ يمكن اتهام الرجل الذى يرتكب مثل هذا العمل بأنه يتلصص على النساء فى البيوت المجاورة ؛ نظرا لأن النساء يقضين القسم الأكبر من وقتهن فى شرفات المنازل ، وهن يؤدين الأعمال المنزلية التى من قبيل تجفيف القمح ، ونشر الغسيل إلخ. الأوروبيون الذين فى حلب هم وحدهم الذين يتمتعون بميزة الوقوف فى شرف المنازل ، التى تبنى من الحجر وبطريقة جميلة ، هؤلاء الأوروبيون يلجأون إلى شرف المنازل فى فصل الصيف وبخاصة فى المساء ، ويصل الأمر بهم إلى حد تناول العشاء والنوم فى تلك الشرف. كل مبانى المكيين ، فيما عدا منازل الأثرياء والأعيان ، يجرى إنشاؤها لإقامة المستأجرين إذ يجرى تقسيم المنزل إلى شقق عدة ، منفصلة عن بعضها البعض ، ويتكون كل منها من غرفة جلوس ومطبخ صغير. ومنذ أن بدأ الحج ينحسر ، (حدث ذلك