قبل الغزو الوهابى) لم يعد كثير من المكيين يجنون فائدة من وراء منازلهم ، وبالتالى وجدوا أنفسهم عاجزين عن القيام بأعمال الصيانة المطلوبة لهذه المنازل ، الأمر الذى أدى إلى انهيار كثير من هذه المنازل فى الضواحى البعيدة وتحولت إلى أنقاض ، فضلا عن ظهور كثير من المبانى المتحللة فى المدينة نفسها. شاهدت واحدا من تلك المبانى التى جرى تشييدها مؤخرا ، كان ذلك المنزل فى حى الشبيكة ، وهو من المنازل المملوكة للشريف غالب ، وقد تكلف ذلك المنزل ، على حد قول أحد التقارير ، مائة وخمسين كيسا من أكياس النقود. المنزل الذى من هذا النوع فى القاهرة يتكلف بناؤه ستين كيسا فقط.
شوارع مكة كلها غير ممهدة ، وفى فصل الصيف يشكل الرمل والغبار مصدرا كبيرا للقلق فى هذه الشوارع ، كما يشكل الوحل مصدرا للقلق أيضا فى هذه الشوارع فى موسم الأمطار ، يتعذر تجاوز تلك الشوارع بعد سقوط المطر ؛ وسبب ذلك أن المطر الذى يسقط داخل المدينة لا ينصرف ماؤه ، وإنما يبقى إلى أن يجف. وبذلك يمكن أن نعزى سقوط المساكن القديمة فى مكة وانهيارها إلى الأمطار المدمرة رغم عدم استمرارها مدة طويلة ، كما هو الحال فى المناطق الاستوائية الأخرى ، الكعبة نفسها جرت صيانتها مرات عدة ، فى عهود عدد كبير من السلاطين ، إلى حد أننا يمكن أن نقول إن المسجد الحرام حديث البناء ، وفيما يتعلق بالمنازل ، فأنا لا أظن أن هناك منزلا واحدا يزيد عمره على أربعة قرون ، وهذا ليس هو المجال الذى يتعين على الرحال البحث فيه عن عينات ونماذج معمارية مهمة ، أو بقايا المنشآت الإسلامية الجميلة مثل تلك التى فى سوريا ، ومصر ، وباربارى ، وإسبانيا. فى هذا المجال بالذات نجد أن مكة صاحبة الشهرة العريقة تتفوق عليها أصغر البلدان فى كل من سوريا ومصر. الشىء نفسه يمكن أن يقال ، مع احترامى أيضا للمدينة المنورة ، كما أشك أيضا فى أن تكون بلدان اليمن تفتقر إلى الآثار المعمارية.