مكة تفتقر أيضا إلى القواعد المنظمة للشرطة التى تسود المدن الشرقية الأخرى. شوارع مكة شديدة الظلمة أثناء الليل ، ولا يجرى إضاءة أية مصابيح فى شوارع هذا البلد أثناء الليل ، مختلف أحياء مكة ليس لها بوابات وبذلك فهى تختلف فى ذلك عن سائر السواد الأعظم من المدن الشرقية ، التى لكل حى من أحيائها بوابته الخاصة التى يجرى إغلاقها بعد صلاة العشاء. هذا يعنى أن المدينة يمكن التنقل خلالها فى أية ساعة من ساعات الليل ، والشىء نفسه ينسحب على عدم تأمين التجار والزراع (الذين تغلق البوابات بسببهم ومن أجل الحفاظ عليهم) مثلما يحدث فى كل من مدن سوريا ومصر. المخلفات ، ونفايات الكنس يجرى وضعها أمام المنازل فى الشوارع ، وبذلك تتحول تلك النفايات إلى تراب أو وحل حسب الطقس السائد. يبدو أن هذه العادة كانت سائدة أيضا فى الأزمان القديمة ، وسبب ذلك أنى لم ألاحظ على حدود البلدة الخارجية أكوام النفايات التى غالبا ما توضع بالقرب من المدن الكبيرة فى تركيا.
لا يوجد فى مكة سوى قلة قليلة من الخزانات التى تستخدم فى تجميع مياه المطر ، ونجد أيضا أن مياه آبار مكة مالحة المذاق ، وهى لا تستخدم إلا فى أغراض الطهى والتنظيف ، فيما عدا موسم الحج الذى يضطر الحجاج من الطبقات المتدنية إلى شرب ذلك الماء المالح. بئر زمزم الشهيرة ، الموجودة فى المسجد الحرام ، غزيرة المياه على نحو يكفى لإمداد المدينة كلها بالماء ، لكن بغض النظر عن قداستها فإن ماءها ثقيل المذاق ويقاوم عسر الهضم ، الطبقات الفقيرة المحيطة بالبئر ليس لديها تصريح أو إذن بملء قرابها من هذا المكان حسبما يشاءون. أعذب ماء فى مكة هو الذى يجلب عن طريق قناة من المنطقة المجاورة لعرفات ، الذى يبعد عنها مسير ست ساعات أو سبع. الحكومة الحالية بدلا من إنشاء أعمال جديدة مماثلة لتلك القناة ، تهمل حتى صيانة المجرى المائى الحالى وتنظيفه. هذا المجرى المائى مبنى كله من الحجر ، والأجزاء