المكشوفة منه على سطح الأرض ، مغطاة بطبقة سميكة من الحجر والأسمنت ، وقد بلغنى أن هذه القناة لم يجر تطهيرها أو تنظيفها طوال الخمسين سنة الماضية ، والنتيجة المترتبة على هذا الإهمال هو ضياع القسم الأكبر من الماء أثناء مروره إلى المدينة خلال الفتحات ، أو من خلال شق طريق عنوة خلال الرسوبيات التى تعترض طريقه ، على الرغم من اندفاع الماء على شكل نهر قوى عند بداية ذلك المجرى المائى فى عرفات. كمية الماء التى ترد عن طريق القناة فى الظروف المعتادة تكفى للوفاء باحتياجات السكان ليس إلا ، وأثناء موسم الحج يصبح الماء العذب شيئا نادرا ، والقربة الصغيرة (التى يحمل الرجل اثنين منها) تباع فى معظم الأحيان بشلن واحد ، وهذا سعر مرتفع جدا بين العرب.
هناك مكانان داخل مكة تجرى قناة الماء منهما فوق سطح الأرض ، وفى هذين المكانين يؤخذ الماء من خلال قنوات فرعية أو أسبلة يقيم بجوارها بعض عبيد الشريف غالب ، لكى يحصلوا منها على إتاوة من الأشخاص الذين يقومون بملء قرابهم من هذه القنوات أو الأسبلة. فى موسم الحج ، تحاط هذه الأسبلة بجموع من الناس أناء الليل وأطراف النهار ، الذين يتشاجرون ويتضاربون على الوصول إلى الماء ، خلال الحصار الأخير قطع الوهابيون الماء عن مكة وذلك عن طريق سد المجرى المائى ، وقد استغرق إصلاح هذا الضرر وقتا طويلا بعد ذلك.
تاريخ هذا المجرى المائى ، الذى استغرق عملا كبيرا وجهدا فائقا ، أتى على ذكره باستفاضة مؤرخو الجزيرة العربية. هذه هى زبيدة ، زوجة هارون الرشيد ، هى أول من بنت السبيل المسمى عين النومان ، من منبعه فى جبل قورة إلى أن أوصلته إلى مكة ، وعين عرف التى تنبع من سفح جبل شامخ الذى يقع إلى الشمال من جبل قورة ، والتى كانت تروى الوادى الخصيب المسمى وادى حنين جرى توصيله بعد إلى عين النومان ، كما جرى مؤخرا إضافة أربع عيون أخرى إلى مجرى النومان المائى وهذه العيون هى : البرود ، وزفران ، وميمون ، وعين مشاش. ويبدو أن ذلك المجرى المائى جرت عرقلته مؤخرا ، كان قد جرى فى العام الهجرى ٦٤٣ إصلاح وترميم ذلك المجرى