هذا الحمام ، هو والشوارع الفرعية المتعددة المؤدية إلى المسجد الحرام ، تشكل فى مجملها ذلك الحى الذى يطلقون عليه اسم حارة باب العمرة ، الذى يسكنه عدد من المرشدين الذين يسمونهم المطوفين ، كما أن هذا الحى يعج بالحجاج ، وبخاصة الأتراك منهم. الشوارع هنا ضيقة فى هذا الحى ، وشديدة القذارة ، لكن الحجاج يفضلون هذا الحى لأنه أرخص الأحياء القريبة من المسجد الحرام الذى يشتاقون إلى السكنى بالقرب منه ، وذلك من باب الحرص من جانبهم على ألا تفوتهم الصلاة ، أو (على حد قولهم) أن يكونوا ، إذا ما اضطرب منامهم ، قريبين من المسجد الحرام على نحو يبعد عنهم تلك الأحلام السيئة. الرجال هنا ، نراهم وهم يجرون عند منتصف الليل متجهين إلى المسجد الحرام مرتدين ثياب النوم ، ويقومون بالطواف حول الكعبة ، ويقبلون الحجر الأسود ، ويدعون بدعاء قصير ، ويشربون من ماء زمزم ، ثم يعودون إلى فراشهم بعد ذلك. بالقرب من بوابة المسجد الحرام المسماة باب العمرة ، الذى يشتق الحى اسمه منه ، يوجد مبنى واسع كبير ، هو فى الأصل مدرسة عامة ، لكن يقيم فيه حاليا حسان باشا ، والى مكة. والأرجح أن يكون ذلك المبنى هو المدرسة التى أتى الفاسى على ذكرها ، وأنها بنيت بالقرب من باب العمرة فى العام ٨١٤ الهجرى ، بأوامر من منصور غيث الدين آثام شاه ، حاكم البنغال. فى العام ٥١٩ الهجرى ، أمر والى عدن ببناء مدرسة أخرى فى هذا الحى ، وهى التى أطلق عليها اسم دار السلسالة ، فى هذا الحى توجد إحدى عيون الماء العذب الذى يجلب من المجرى المائى ، كما توجد أيضا آبار عدة مالحة الماء.
عندما نعود من هذا الحى إلى الشبيكة ، ثم نتجه جنوبا نحو مختلف الشوارع ، المكونة من بنايات جيدة ، لكنها سرعان ما تبلى وتتحلل ، نجد أنفسنا نصعد صعودا هينا لنصل إلى الشارع الذى يسمونه السوق الصغير ، الذى ينتهى عند بوابة المسجد الحرام ، المسماة باب إبراهيم. المنازل منخفضة على جانبى الشارع ، وتسكنها الطبقات الدنيا من البشر ، وهناك سلسلة متصلة من الدكاكين التى تباع فيها كل أنواع المؤن والتموينات ، والحبوب بصفة خاصة ، والزبد والتمر. يباع الجراد فى بعض الدكاكين