جوانب الكعبة ويدعو بدعاءين دينيين. وهكذا تمتلئ الغرفة بالبكاء والعواء ، وأنا أعتقد أنى شاهدت ولاحظت كثيرا من العواطف الجياشة والتوبة الصادقة من جانب عدد كبير من الزائرين ، والدعوات التالية هى ودعوات أخرى سمعتها تتردد داخل الكعبة ، وشاهدت وجوها كثيرة مبللة بالدموع ، «يا رب البيت ، يا رب سامحنى ، واغفر لوالدى ، ولأولادي! يا رب ، أدخلنى جنتك! يا الله ، أعتق رقابنا من نار جهنم ، يا رب البيت العتيق». لم أستطع البقاء داخل الكعبة سوى خمس دقائق ، كانت درجة الحرارة مرتفعة إلى حد أنى كاد يغمى على ، بل إن كثيرا من الأشخاص جرى حملهم إلى خارج الكعبة وهم فاقدى الوعى تماما. يجلس عند مدخل الكعبة واحد من الأشراف ، حامل مفتاح الكعبة الفضى فى يده ، والذى يقدمه لكى يقبله الحاج ، الذى يدفع مبلغا نظير ذلك ، بعد الخروج من الكعبة ، تعطى النقود أيضا لواحد من الطواشيّة يجلس بجوار الشريف حامل المفتاح الفضى. هناك أيضا بعض آخر من الطواشيّة يقفون على السلم ، والعديد أيضا من العمال الذين يقومون بالأعمال الحقيرة وبعض الخدم الذين ينتقدون هذا العمل المشين انتقادا شديدا ، ويقولون : إن أقدس بقاع الأرض لا يمكن أن تكون مسرحا للجشع والطمع ، لكن المكيين لا يعيرون تلك الإهانات أى اهتمام.
تظل الكعبة مفتوحة إلى حوالى الساعة الحادية عشرة ، وفى اليوم التالى يجرى فتحها للنساء فقط. بعد زيارة الكعبة ، من الضرورى الطواف حولها.
الكعبة من الداخل مكونة من غرفة واحدة ، سقفها محمول على عمودين ، وليس بها أى مصدر للضوء سوى بابها. سقف الكعبة ، النصف العلوى من العمودين ، وكذلك الحوائط الجانبية وعلى ارتفاع خمسة أقدام من أرضية الكعبة ، مغطى بنوع من الحديد السميك أحمر اللون ، المشغول بالفضة ، والجزء السفلى من كل عمود من الأعمدة مبطن بخشب العود المحفور ، أما الجزء من الجدران الواقع أسفل الستائر الحديدية ، فهو مبطن برخام فاخر أبيض اللون ، مزين بنقوش بارزة ، والأرابيسك الجميل ، وكل شىء مصنوع بمصنعية غاية فى الروعة ، وأرضية الكعبة التى هى على مستوى واحد مع الباب ، وبالتالى يصبح على ارتفاع حوالى سبعة أقدام فوق مستوى ساحة المسجد ،