ما تنطوى عليه هذه التجارة من قوة ، إضافة أيضا إلى المصاعب التى صاحبت انتشار الإسلام. الخدم والخادمات زنوج ، أو بالأحرى نوبيون ، يجرى جلبهم عادة من سواكن ، أما المحظيات فهن عادة من الحبشيات الإماء. لا أحد من المكيين يفضل أمنه وسلامه المنزلى على إشباع احتياجاته العاطفية ؛ هذا يعنى أن المكيين لهم محظيات بالإضافة إلى زوجاتهم الشرعية ، لكن الأمة إذا ما أنجبت طفلا فإن سيدها عادة ما يتزوجها ، وإذا ما أخفق فى ذلك أصبح محطا لانتقادات المجتمع. مسألة الاحتفاظ بالمحظيات الحبشيات لا تزال أمرا شائعا فى جدة ؛ كثير من المكيين ليس لهم سوى زوجات حبشيات ، نظرا لغلو مهور المواطنات العربيات ، اللاتى لا يملن إلى التسليم بإرادة الزوج ورغباته. هذا الإجراء يلجأ إليه كثير من الأجانب الذين يقيمون فى الحجاز فترات قصيرة. هؤلاء الأغراب والأجانب يقومون فور وصولهم إلى مكة بشراء رفيقة ، برغبة بيعها عندما يرحلون عن المدينة ، لكن هؤلاء الأغراب والأجانب قد يطول مقامهم فى مكة ، وتحمل الأمة ، ويتزوجها الرجل ، ويستقر فى مكة. قلة قليلة من الرجال هم الذين من غير المتزوجين أو الذين ليس لهم إماء محظيات. هذه مسألة عامة وشائعة فى الشرق ، ولا تشيع فى أى مكان آخر أكثر مما هى عليه فى مكة. الاختلاط بالدم الحبشى هو الذى أعطى المكيين تلك البشرة المائلة إلى الاصفرار ، التى تميز المكيين عن سكان الصحراء.
الطبقات الأكثر ثراء من الطبقات السابقة ، تعد بيع الأمة أمرا مشينا ومخزيا. والأمة عندما تنجب طفلا ، ولا تكون فى عصمة سيدها أربع نساء فإنه يعقد عليها ويتزوجها ، وإذا لم تنجب منه فإنها تظل فى منزله مدى الحياة ، وفى بعض الأحيان يتزايد عدد المحظيات إلى ما يقرب من اثنتى عشرة محظية من كبار السن ومن الشابات. الطبقات الوسطى والطبقات الدنيا فى مكة ليست على شاكلة الطبقات التى تعلوها ، هذا يعنى أن هذه الطبقات الدنيا والمتوسطة يشترون الحبشيات الصغيرات عن طريق المضاربة ، ويقومون بتعليمهن فى الأسرة ، ويعلمونهن الطبخ ، والحياكة إلخ ، ثم يبيعونهن للأجانب والأغراب بأثمان غالية. لقد أبلغنى الأطباء ، والحلاقون ، وباعة