قائمة الکتاب
ـ ملاحظات عن سكان مكة وسكان جدة
٢٢٥
إعدادات
ترحال في الجزيرة العربية [ ج ١ ]
ترحال في الجزيرة العربية [ ج ١ ]
تحمیل
مفتوحة أمام مكة ، لكن الواردات الأجنبية ، عن طريق البر والبحر ، أصبحت تقتصر على ما هو مطلوب لاستعمال السكان ، ونجد أيضا أن سوق الحج الكبيرة لم تعد تنعقد ، وعلى الرغم من أن بعض الحجاج الأجانب لا يزالون يزورون مكة ، فإنهم لا يعرّضون بضاعتهم لخطر الاستيلاء عليها بواسطة الوهابيين. مع مثل هذه الظروف نجد أن اهتمام المكيين الذى ينصب على المدن نفسها والبقاء فيها طلبا للأرباح الطائلة لم يعد موجودا. الذين عجزوا عن أن يكونوا أثرياء ينتظرون تجديد أو استئناف قوافل الحج ، لكن كثيرا من الفقراء الذين عجزوا عن كسب عيشهم ، تركوا مكة ، واستقروا فى جدة ، أو فى موانئ أخرى على البحر الأحمر ، وتبعهم فى تلك الموانئ عدد كبير من التجار المحترمين.
التجارة هنا تتم عن طريق السماسرة الذين منهم عدد كبير من الهنود ، واقع الأمر أن الجالية الهندية هى أغنى جاليات مكة ، وهم على اتصال مباشر بكل موانئ هندوستان ، ويستطيعون فى معظم الأحيان منافسة الغير فى الأسعار. الكثيرون منهم ، كما سبق أن قلنا ، يقيمون فى مكة ، فى حين تواصل البقية الباقية من هؤلاء الهنود التنقل جيئة وذهابا بين الحجاز والهند. هؤلاء الهنود جميعهم يحتفظون بلغتهم الوطنية ، التى يعلمونها لأبنائهم ، كما يعلمونها أيضا لكثير من تجار مكة ، إلى حد أن السواد الأعظم من تجار مكة يفهمون أو يعرفون الأعداد الهندية فى أضعف الأحوال ، فضلا عن معرفتهم أيضا للعادات الشائعة جدا المستخدمة فى البيع والشراء. الهنود يعملون فى ظل ظروف صعبة جدا يتعلمون خلالها اللغة العربية ، ولم يحدث أن رأيت مطلقا أحدا من هؤلاء الهنود ، مهما طالت إقامته فى مكة ، يتكلم العربية بطريقة سليمة ، وهم من هذه الناحية أقل من الأتراك ، الذين نعد نطقهم للغة العربية مدعاة للسخرية والتهكم فى معظم الأحيان أمام العرب. أبناء الهنود الذين ولدوا فى مكة يتكلمون العربية كما لو كانت لغتهم الوطنية ، وقد درج الهنود على كتابة اللغة العربية بأحرف هندية.