مثل هذا العمل لا يتأتى إلا من جانب كبار الحجاج ، أو أولئك الذين يودون شهرة على المستوى العام. هناك بعض المطوفين الذين يقيمون دوما بجوار الكعبة ، انتظارا لمن يستأجرهم للقيام بعملية الطواف ، وإذا ما رأى هؤلاء المطوفين حاجا يمشى بمفرده ، فإنهم يتقدمون ، دون أن يطلب ذلك أى أحد منهم ، بالإمساك بيد هذا الحاج ، ويبدأون فى تلاوة الدعاء ، والأجر الذى يتقاضاه المطوف نظير هذه العملية يقدر بحوالى نصف قرش ، وقد سمعت المطوفين وهم يساومون الحاج عند باب الكعبة ، على مسمع ومرأى من كل الحاضرين ، والمطوفون الفقراء يرضون بربع قرش. كثير من أصحاب الدكاكين ، ومن أفراد الطبقة الثالثة يوفدون أبناءهم الذين يحفظون هذا الدعاء عن ظهر قلب ، يرسلونهم إلى هذا المكان لكى يتعلموا مهنة الطوافة ، أما هؤلاء الذين يعرفون اللغة التركية يحصلون على أجور كبيرة ، ولما كان الحجاج الأتراك يصلون عن طريق جدة ، ويعيشون سويا فى مكة ، فإن مطوفا واحدا هو الذى يتولى أمر هذه الجماعة ويتوقع أتعابا من أفراد الجماعة كلهم. يتصادف عند عودة الجماعة إلى أرض الوطن ، أن تزكى ذلك المطوف عند جماعة أخرى من إخوانهم المواطنين ، الذين يرسلون فى طلب ذلك المطوف ، عندما يصلون إلى جدة ويطلبون منه توفير سكن لهم فى جدة ، وأن يشرف على رحلتهم القصيرة إلى المدينة المقدسة ، وأن يكون مرشدا لهم فى الدعاء الذى يقال عند دخول الحرم أول مرة. بعض هؤلاء المطوفين يوجدون دائما فى جدة طوال الأشهر الثلاثة التى تسبق الحج ، ولقد رأيتهم وأنا فى طريقى إلى مكة وهم يتقدمون جماعتهم ويتعاملون معها بمنتهى الأدب والاحترام. التركى الذى يجىء من أوروبا ، أو من آسيا الصغرى ، والذى لا يعرف كلمة عربية واحدة يفرح فرحا شديدا عندما يعثر على عربى يتكلم لغته ، ويعده بكل سبل الراحة فى مكة ، والذى لقّن على أنها مكان لا ينتظره فيه سوى الخطر والتعب. المطوف الذى يقوم بإرشاد اثنى عشر حاجا تركيا مدة شهر واحد ، جرت العادة أن يحقق مكاسب تكفى للوفاء باحتياجات منزله على امتداد عام كامل ، إضافة إلى كسوته وكسوة عياله وأطفاله.
بعض هؤلاء المطوفين لهم مهمة فريدة جدا. الشريعة الإسلامية تنص على أن المرأة غير المتزوجة لا يحق لها الحج ، كما تنص الشريعة أيضا على أن تكون المرأة