مشيتها ، وأن الأنثى المحجبة التى تمر من أمامه تنتمى إلى القبيلة الفاسدة. وأنا لن أغامر بالكلام عن نساء الحجاز المتزوجات ؛ سمعت كثيرا من النكات المتصلة بهذا الموضوع ، والتى لا تثنى عليهن ، لكن فى الشرق ، كما هو الحال فى المدن الأخرى ، نجد أن الشبان يتفاخرون فى بعض الأحيان بأشياء لم يتمتعوا بها مطلقا. السلوك والمظهر الخارجى لنساء جدة ومكة يصطبغ بالحشمة ، قلة قليلة من هؤلاء النسوة هن اللاتى يشاهدن يمشين أو راكبات فى الشوارع ، وهذا أمر شائع فى القاهرة ، على الرغم من تعارضه مع أفكار الشرق عن الحشمة والاحتشام ، لقد عشت فى ثلاثة منازل مختلفة فى مكة دون أن أرى الوجوه غير المحجبة.
كبار تجار مكة يعيشون حياة رغدة ؛ فى بيوت الجيلانى ، والسقاط والعجيل والنور توجد مؤسسات تضم ما بين خمسين شخصا وستين. هؤلاء الأشخاص جمعوا ثرواتهم فى زمن حكم الشريف غالب ، الذى عمل معه كل من الجيلانى والسقاط جاسوسين على التجار الآخرين. موائد هؤلاء الأشخاص تحفل يوميا بكل المأكولات الوطنية الفاخرة ، فضلا عن الأصناف التى يحصلون عليها من الهند ومن مصر. يجلس معهم على مائدة الغداء حوالى عشرين شخصا كل يوم ، العبيد الأحباش المقربين ، الذين يعملون كتبة أو صيارفة يسمح لهم بالجلوس على مثل هذه الموائد التى يقيمها سادتهم ، أما العبيد الأدنى من ذلك هم والخدم فيعيشون على الطحين والزبد. الأطباق المصنوعة من الخزف ومن الزجاج والتى يقدم فيها الطعام ، هى من أفضل الأنواع ، وماء الورد ينثر على لحى الرجال بعد الغداء ، وتمتلئ الغرفة برائحة العود ، الذى يجرى حرقه فوق النراجيل والشياش. الأدب جم وبلا رسميات ، وليس هناك من يمكن أن يظهر بمظهر محبوب أكثر من المكيين وبخاصة عندما ينقلون كرم الضيافة إلى الضيوف. ومن يتصادف وجوده فى الصالة الخارجية عند تقديم الطعام ، يطلب إليه المشاركة فى الطعام ، ويشارك الرجل فى الطعام دون إحساس منه بأنه مضطر إلى ذلك بسبب الدعوة ، فى الوقت الذى يحس المضيف فيه بأن مشاركة مثل هذا الشخص فى الطعام تعد تشريفا للمضيف نفسه.