تجد المواطن التركى ينحنى للمسيحى. وقد وجدت فى دول الشرق التى زرتها ، أن المسيحيين يحصلون بشكل عام على امتيازات أكثر مما تنص عليه الشريعة الإسلامية ، لكن حال هؤلاء المسيحيين يعتمد على سلطة الحاكم فى المدينة أو الحى ، مثلما حدث لهم قبل حوالى سبع سنوات فى دمشق تحت حكم يوسف باشا ، يوم أن أعيد المسيحيون إلى حالهم السيئ الذى كانوا عليه من قبل. قبل عشرين عاما مضت كان حال أقباط مصر على الوتيرة نفسها كما هو حال اليهودى حاليا فى بلاد البربر لكنه فى الوقت الراهن ، وفى ظل حكم محمد على باشا ، صاحب الفكر الحر ، ولكنه ليس ليبراليا بمعنى الكلمة ، نجد أن الرجل ، يكتشف أن مصلحته تكمن فى التصالح مع المسيحيين ، الأمر الذى ترتب عليه أن أصبح اليونانى يضرب التركى بلا خوف من النتائج التى يمكن أن تترتب على ذلك ، وأنا أعرف حالة رجل أرمينى (من الأرمن) قتل خادمه المسلم ، وهرب من العقاب ، بأن دفع غرامة للحكومة ، على الرغم من ذيوع خبر هذا القتل على الملأ. وعلى الرغم من اقتناع الأتراك حاليا ، فى أنحاء كثيرة من الشرق ، بتفوق وسيادة هؤلاء الأوروبيين ، الذين لا يمكن أن ينظروا إليهم إلا من منطلق الأخوة ، فإن سلوك هؤلاء الأتراك تجاه المسيحيين وتصرفاتهم معهم تتحدد طبقا لمشاعر حكام هؤلاء الأتراك ، ومن السهولة بمكان على محمد على باشا فى مصر ، أن يقلل من شأن المسيحيين ، وبكلمة واحدة ، وبإمكانه أيضا أن يرفع من شأنهم ، مثلما هم عليه الآن ، ولذلك أنا أرى أن المسيحيين فى مصر أسمى بكثير مما هم عليه فى الأجزاء الأخرى من تركيا.
كراهية المسيحيين تكاد تكون واحدة فى كل جزء من أجزاء الإمبراطورية العثمانية ، والمسلمون إذا ما تنازلوا عن هذا الإحساس ، فلن يكون ذلك بدافع من الإحسان أو الإنسانية ، وإنما يكون بدافع ممالأة أصحاب السلطة والقائمين على الأمور ، بل تصل الوضاعة إلى حد أنهم اليوم يقبلون أيدى ذلك الذى داسوه بأقدامهم بالأمس. ونحن عندما ندرس قضايا العربدة الشديدة ، المسجلة ، فى المحاكم العليا للقناصل الأوروبيين فى الشرق ، نكتشف بل نجد أن الحكومة كان لها نصيب فى تلك