إن هذا هو حال الزمن ، وذلك من باب تبرير القول المأثور : «إن الحرام فى بلاد الحرمين بمعنى «إن المدن المحرمة على الكفار تعج بالمحرمات».
الاضطهاد لا يمكن أن يكشف عن نفسه فى الأماكن التى ليس فيها تباين ملى ، وربما كان من السهل تحريض المكيين على ارتكاب التجاوزات مع أولئك الذين يسميهم المكيون الكفار ، وأنا ألاحظ دوما فى الشرق أن المسلمين الذين يهملون فى الالتزام بتعاليم دينهم هم الأعنف فى تطبيق أحكام الدين على الكفار ، كما لاحظت أيضا أن الخرافات الكبيرة عادة ما تنتشر بين أولئك الذين يتلاعبون بتعاليم الدين وأحكامه ، أو بالأحرى يحتقرونها ويقللون من شأنها كما يفعل العثمانيون ، وينتهجون التفكير الحر. الطبقة الوحيدة من بين الأتراك التى تكن حقدا دفينا وكراهية للمسيحيين ، هم أولئك الذين إذا ما دخلوا فى حوار مع المسيحيين يجدوا أنفسهم مضطرين إلى التخلى ، ولو لبرهة قصيرة ، عن إساءاتهم الشكلية أو المظهرية. يعيش المغاربة فى سائر أنحاء موانئ البحر الأبيض المتوسط عيشة الكفرة ، لكنهم فى وطنهم لا شىء يحثهم على وضع حدود لتشددهم سوى الخوف وحده. هذا أيضا هو حال الأتراك فى جزر الأرخبيل ، وأنا أستطيع أن آتى بأمثلة كثيرة من كل من سوريا ومصر لتأكيد ما أقوله هنا. إذا كان التزمت قد قلّ بعض الشىء خلال العشرين عاما الماضية فى الإمبراطورية التركية ، فإن هذا التناقص ، فى رأيى يعزى إلى ، التناقض الذى طرأ على طاقة السكان من ناحية وزيادة لا مبالاة هؤلاء السكان بدينهم من ناحية أخرى ، وأن ذلك لا يمكن أن يعزى إلى انتشار مبادئ الخير والإحسان. نص الشريعة الإسلامية واضح ودقيق ؛ فهو يحث أتباع هذه الشريعة على المعاداة الدائمة والاحتقار الدائم لكل أولئك الذين يتبعون مللا أخرى. هذه الكراهية لم تتناقص ، لكن هذا العداء يختفى وراء أدب مظهرى وشكلى ، إذا ما تعلق الأمر بمصلحة من المصالح الإسلامية. هذا يعنى أن حد التسامح مع المسيحيين يعتمد على مصالح الحكومة المحلية التى يعيش فى كنفها هؤلاء المسلمون ، وإذا ما كانت هذه المصلحة فى صالح المسلمين ، فإنك