المسجد الحرام يغص فقط بالغرباء والأجانب ، فى حين ترى الكثير من المكيين وهم يدخنون فى دكاكينهم فى وقت الصلاة. بعد مغادرة الحجاج للمدينة ، يقل الاهتمام بخدمة المسجد الحرام. وأهل مكة لا يخرجون صدقات ، متعللين بأن العناية الإلهية هى التى وضعتهم فى هذه المدينة لتلقى الإحسان ، وليس لتقديم الإحسان. إنهم يتبعون سلوكيات محمد صلىاللهعليهوسلم حتى فى أصغر الأمور ، والمكيون يقصون شواربهم ، ويشذبون لحاهم ، لأن النبى صلىاللهعليهوسلم كان من عادته أن يفعل ذلك. وبالطريقة نفسها نجد المكيين يتركون طرف العمامة ، يتدلى على غطاء الرأس ، وهم أيضا يكحلون عيونهم يوما بعد آخر ، ويمسكون دوما سواكا فى أيديهم ، وهذا السواك يأخذونه من شجيرة الأراك ، أو قد يكون سواكا من تلك التى يستوردها أو يجلبها الحجاج الفارسيون. وهم يحفظون عن ظهر قلب كثيرا من سور القرآن والأحاديث النبوية ، وهم يشيرون أو يقتبسون تلك الآيات والأحاديث فى كل لحظة ، لكنهم ينسون أن هذه الأحكام إنما جاءت لتكون قواعد سلوكية ، وليست لمجرد الإعادة والتكرار. المشروبات المسكرة تباع أمام المسجد الحرام ، المطوفون أنفسهم يتصرفون على نحو يتعارض مع الشرع ، عندما يروحون يرددون الأدعية بصوت عال فى المسجد الحرام ، أمام تلاميذهم من الحجاج ، مستهدفين بذلك جذب المزيد من الحجاج إليهم ، كما يحمل كل واحد منهم تلك العصا الغليظة التى يملها كل واحد من المكيين. هؤلاء المطوفين يعتدون على الشرع أيضا عندما يرون الحشيش المسكر يجرى تدخينه علانية ، الورق (الميسر) يلعبه الناس فى كل مقهى من المقاهى العربية ، (وهم يستعملون ورقا صينيا صغير الحجم) ، على الرغم من أن القرآن يحرم تحريما قاطعا اللعب الخطرة. حماية الحكومة العلنية والصريحة للمتهتكين أو المتهتكات ، هى فى حد ذاتها تشجيع لهؤلاء البشر على الاعتداء على مبادئ الشريعة الإسلامية. المكيون يعرفون تماما أن تلك رذائل مخزية ، المطوفون جميعهم يتعجبون من فساد السلوك ، لكن أحدا منهم لم يضرب مثلا على الإصلاح ، ومع أن هؤلاء المطوفين يتصرفون دوما طبقا لمبادئ هى على العكس تماما من تلك المبادئ التى يؤمنون بها ، فإنهم جميعا وبلا استثناء يقولون :