وبعد وصول جيش محمد على باشا ، أصبح المسيحيون يتمشون حيثما شاءوا ويرتدون ما يشاءون. فى شهر ديسمبر من العام ١٨١٤ الميلادى ، وعندما تجاوز إنجليزيان بوابة مكة ، أثناء تجوالهما فى مدينة جدة (وهما أول شخصين ، يرتديان الملابس الأوروبية ، حاولا اجتياز الحدود المقدسة) سمع الناس امرأة وهى تتعجب قائلة : «صحيح ، لقد اقتربت الدنيا من نهايتها ، إذا ما سمح للكفار أن يطأوا هذه الأرض أو يمشوا عليها!» وإلى يومنا هذا ، إذا ما مات مسيحى فى جدة ، فإنه لا يسمح بدفنه على الشاطئ وإنما يحملون جثمانه إلى جزيرة صغيرة فى الميناء. وعندما انتشر الطاعون فى الحجاز فى العام ١٨١٥ الميلادى ، وذاك حادث لم يسبق وقوعه هناك ، قام قاضى جدة ، ومعه هيئة العلماء ، بالتوجه إلى حاكم المدينة التركى ، ليطلبوا منه تدمير طاحونة هوائية أقامها بعض اليونانيين الذين جاءوا من القاهرة ، خارج بوابة من بوابات جدة ، بناء على أوامر من محمد على باشا. قال القاضى والعلماء ، إنهم متأكدون أن يد الله طالتهم بسبب هذا الانتهاك للأرض المقدسة من قبل المسيحيين. تحطمت منذ سنوات ، سفينة إنجليزية بالقرب من جدة ، وكان من بين المسلوبات من تلك السفينة خنزير كبير ، والأرجح أن هذا الحيوان الكبير لم يسبق أن رآه أحد من أهل جدة من قبل. كان ذلك فى زمن حكم الشريف غالب وانطلق هذا الحيوان فى المدينة ومعه نعامتان ، الأمر الذى شكل رعبا كبيرا لكل من باعة الخبز والخضراوات ، وسبب ذلك أن مجرد لمس هذا الحيوان النجس ، حتى ولو لامسته حافة الثوب ، تصيب المسلم بالنجاسة ، ويتعذر عليه أداء الصلاة دون الوضوء من جديد. وجرى الاحتفاظ بذلك الخنزير الكبير طيلة ستة أشهر إلى أن تم بيعه لقبطان أمريكى مقابل خمسين دولارا ، لكنه رفض دفع هذا الثمن ، أدى بعد ذلك بفترة قصيرة إلى تقديم تضحية كبيرة إرضاء للسكان.
المكيون يؤون داخل جدرانهم وأسوارهم بعض الزنادقة الألداء ، وقد تطرقت بالفعل إلى الطائفة الإسماعيلية ، ذلك المذهب الوثنى المستورد من الهند ، والذى يظهر أتباعه هنا فى ثياب المسلمين. الحجاج الفارسيون باعتبارهم من الشيعة ، وشتامين ولعانين