لمحمد صلىاللهعليهوسلم وأتباعه ، لا يجرى إخضاعهم لمضايقات بعينها. كان الشريف غالبا يتسامح معهم ، لكنه كان يفرض عليهم ضريبة الرءوس. يضاف إلى ذلك أن الأشراف أنفسهم ـ وهذا ما سوف أشرحه بعد ذلك ـ معظمهم من أتباع المذهب الزيدى ، هذا يعنى أن هؤلاء الزيود يعارضون السنيين المتشددين (معروف أن أهل السنة أعداء ألداء للشيعة الفارسيين) فى كثير من مصطلحاتهم وأحكامهم الدينية.
المكيون عندما تذكر عندهم كلمة مسيحى أو أوروبى تكون مقرونة بأقذع كنى الاحتقار. هذا يعنى أن هؤلاء المكيين يدخلون هاتين الكلمتين ضمن كلمة كافر ، دون أن تكون لديهم أفكار واضحة عن الأمم التى تنضوى تحت هذين الاسمين. ومع ذلك ونظرا لأن الإنجليز هم الأكثر اتصالا بالمكيين بحكم ممتلكاتهم فى الهند ، فهم يطلقون عليهم اسم «الكافر» أو «الكفار» ، هذا يعنى أن المكيين عندما يستعملون هذه التسمية فإنهم يقصدون بها الإنجليز. معنى ذلك أن المكيين عندما يقولون «الكافر» فى الهند فهم يعنون بها «الكافر (الإنجليزى) فى الهند» ، وعندما يقولون مركب الكافر فى جدة «فهم يقصدون بذلك الإنجليز».
عندما غزا الفرنسيون مصر ، قام ولى مغربى ، يدعى الشيخ الجيلانى ، وهو أحد الأقارب غير المباشرين لتاجر مكى ثرى ، قام الرجل بالصعود إلى المنبر فى المسجد الحرام ، وأعلن قيام الحرب على الكفار الذين استولوا على بوابة الكعبة ، باعتبار أن الاسم «بوابة الكعبة» كان يطلق على مصر فى ذلك الوقت. ولما كان ذلك الولى من المتكلمين المفوهين ، ولما كان يحظى بتوقير واحترام شديدين ، فقد تدافع كثير من العرب وانضووا تحت لوائه ، فى حين قدم له الآخرون المال ، ويقال إن كثيرا من النساء أحضرن له مصوغاتهن من الذهب والفضة ، مشاركة منهن له مشروعه المقدس. سافر الجيلانى وأبحر هو وأتباعه من جدة فى أسطول صغير ونزل هو ورجاله فى القصير. ويبدو أن حكومتى مكة وجدة كان لهما نصيب صغير فى تلك الحملة ، على الرغم من أنهما لم تضعا المصاعب أو العقبات أمام هذه الحملة. وكل من يقرأ الوصف الذى