العلاء ، أو ابن الفارض ، وصحيح أيضا أن العرب لم يكن عندهم نثر جميل منساب. الشعراء المحدثون مكتفون بمحاكاة أساتذتهم القدامى ، ويقترضون منهم الاستعارات الجميلة ، والأفكار العاطفية الراقية التى فاضت بها صدور هؤلاء الأساتذة القدامى ، وذلك بدلا من اقتراضهم عن العلماء الحاليين ، لكن العلماء ما زالوا يدرسون اللغة إلى يومنا هذا دراسة عميقة ، ودراسة اللغة هى العلم الوحيد الذى يزجى فيه المسلم الحقيقى وقت فراغه ، بعد استكشاف متاهة الشريعة ، يزاد على ذلك أن دراسة اللغة تعد مطلبا لا غنى عنه فى التعليم الجيد ، لا من أجل تدوين اللغة تدوينا نقيا ، وإنما بدراسة وقراءة الشعراء القدامى ، وحفظ مؤلفاتهم أو قصائدهم الجيدة عن ظهر قلب. الباحثون العرب ينظرون إلى كتابهم العظام نظرة إعزاز وتقدير شأنهم فى ذلك شأن الأوروبيين فى نظرتهم إلى روائعهم القديمة. صحيح أن السواد الأعظم من سكان الشرق لا يكتبون أو يقرءون ، لكن من بين هؤلاء العارفين بالأدب ، قسم كبير يكتبون كتابات أنيقة ورائعة ، وذائعى الصيت على المستوى المحلى ، أكثر منه بين الطبقة نفسها فى أوروبا.
المكيون يكادون لا يدرسون شيئا غير اللغة والشريعة. بعض الصبية يتعلمون اللغة التركية بالقدر الذى يمكنهم من غش الحجاج العثمانيين وخداعهم ، وعلى النحو الذى يؤهل هؤلاء الصبية ـ فى عيون الحجاج العثمانيين ـ أن يكونوا مزورين وأدلة لهم فى موسم الحج. فلكى المسجد الحرام يتعلم التوقيتات الدقيقة لتحرك الشمس ، ويشغل نفسه فى بعض الأحيان بالفلك وطوالع النجوم. وهذا طبيب فارسى ، هو الوحيد من
__________________
ـ يلتقون فيه ، إلى أواخر عصر سيدنا محمد صلىاللهعليهوسلم ، وكان من عادة هؤلاء الشعراء إلقاء قصائدهم على الجماهير التى كانت تتجمع فى تلك السوق الكبيرة. كان يجرى تعليق القصائد على جدران الكعبة ، ومن هنا جاءت تسمية القصائد السبع الشهيرة التى أطلقوا عليها اسم المعلقات السبع. وقد أبلغنى بدوى من هذيل أن عكاظ كانت فى ذلك الوقت مكانا مهدما فى بلاد بنى النصيرة ، التى تبعد سير يومين أو ثلاثة عن بلاد الطائف ، لكنى وجدت أن الفاسى يقول : إن عكاظ تبعد مسير يوم واحد عن الطائف ، وأنها توقفت عن كونها سوقا شعرية فى العام ١٢٩ الهجرى. والأزرقى يؤيد أنها كانت تبعد مسير يوم واحد عن الطائف ، على الطريق المؤدية إلى صنعاء فى اليمن ، وأنها كانت تنتمى إلى قبيلة بنى كنانة.