قبل الغزو الوهابى ، فى الشوارع كل مساء ، لكن صرامة الوهابيين ، المتيمين بأغانيهم البدوية، لا تقر غناء النساء على الملأ ، بل إنهم قاموا بتدمير الأعمال الموسيقية كلها ، ومع ذلك قد يكون ذلك مجرد فكرة طائشة أو عابرة ، التى تسود فى كل من الشرق وأوروبا ، والتى مفادها أن الأزمان الماضية كانت أحسن من الأزمان الحاضرة من جميع النواحى.
السقائين sakas ، أو بالأحرى جالبى المياه ، ومعظمهم من الأجانب ، يترنمون بأغنية لها وقع طيب بسبب بساطتها من ناحية والغرض المستخدمة فيه من ناحية أخرى ، وقد جرت العادة أن يقوم الحجاج الأثرياء بشراء الماء الذى فى قربة السقاء ، عندما يهم هؤلاء الحجاج بمغادرة المسجد أثناء الليل ، ويطلبون إلى السقاء توزيع ذلك الماء مجانا على الفقراء. والسقاء عندما يصب الماء فى ذلك الكوب الخشبى الذى يتزود به كل فقير من الفقراء يقول متعجبا : «سبيل الله يا عطشان ، سبيل» ، ثم يبدأ فى التغنى بالأغنية التالية المكونة من ثلاث نغمات لم يسبق أن سمعتها من قبل والتى تقول :
Ed ـ djene wael moy fe za ta ly Saheb casn byl
«الجنة وال موى فاذه لى صاحب السبيل «بمعنى» فلتكن الجنة والمغفرة مثوى لمن قدم لك هذا الماء!».
أنا لا يمكننى وصف حفلات الزواج فى مكة ، لأنى لم أحضر أيا منها لكنى رأيت العروس وهم ينقلونها إلى منزل زوجها ، وبصحبتها ، صديقاتها. الناس لا يستخدمون هنا كوشة أو موسيقى كما هو الحال فى مصر ، لكن الناس هنا يستعرضون الألبسة الفاخرة والأثاث الفاخر والولائم الفاخرة أيضا ، وهى تدوم طيلة أيام ثلاثة أو أربعة.