كل عام على بليسه يجرى إحضارها من إسطنبول بواسطة القفطانجى باشا ، وفى إطار المراسيم والاحتفالات التركية كان يجرى إدراج ذلك الباشا ، ضمن الباشوات الأول فى الإمبراطورية ، وعندما أصبحت سلطة باشوات جدة مجرد سلطة اسمية ، وبعد أن عجز الباب العالى عن إرسال جيوش قوية مع قوافل الحج المسافرة إلى الحجاز ، لتأمين حكمه على البلاد ، استقل أشراف مكة ، وراحوا لا يلقون بالا لأوامر الباب العالى ، على الرغم من استمرارهم فى تسمية أنفسهم باسم خدام السلطان ، كما كانوا يتسلمون أيضا البليسه السنوية كل عام ، كما كانوا يقرون ويعترفون أيضا بالقاضى الموفد من إسطنبول ، وكانوا أيضا يدعون للسلطان فى المسجد الحرام. استطاع محمد على باشا إعادة السلطة العثمانية على الحجاز ، كما اغتصب لنفسه سلطان الشريف كلها ، ولم يبق الرجل للشريف يحيى الحالى سوى السلطة الاسمية فقط.
جرى اختيار شريف مكة من بين أفراد واحدة من قبائل الأشراف الكثيرة ، أو من أحفاد النبى صلىاللهعليهوسلم الذين استوطنوا الحجاز ، هؤلاء الأحفاد كانت أعدادهم كبيرة فى يوم من الأيام لكنهم فى الوقت الراهن أصبحوا يقتصرون على قلة قليلة من الأسر والعائلات المكية. فى أواخر القرن الماضى ، كان حق الولاية مقصورا على ذوى (*) بركات ، الذين سموا بهذا الاسم ، تيمنا باسم بركات ولد السيد حسان العجلان ، الذى خلف والده فى العام ٨٢٩ الهجرى ، كان الرجل ينتمى إلى قبيلة الأشراف المسماة قتادة التى استقرت أو استوطنت وادى القامية مشكلة بذلك جزءا من ينبع النخل ، وكانت ترتبط من ناحية الإناث ، بقرابة مع بنى هاشم ، الذين جرى تجريدهم من حكم مكة فى العام ٦٠٠ الهجرى ، بعد وفاة آخر الهاشميين ، المدعو مقزر. طوال القرن الماضى تعين على دوى (ذوى) بركات خوض حروب كثيرة مع القبائل المنافسة لهم ، ثم
__________________
(*) المقصود ب «دوى» (ذوى) بركات هم : أهل أو «عائلة» بركات.