استسلموا فى نهاية المطاف لذوى زيد الذين يفوقونهم عددا ، والذين ينتمى إليهم الشريف الحالى ، والذين يكونون مع قتادة جزءا من قبيلة أبو نيمة الكبيرة. وقد نزع القسم الأكبر من ذوى بركات ، واستقر الكثيرون منهم فى وديان الحجاز الخصبة ، كما استقر البعض منهم فى اليمن. وقد ذكر الناس لى من الأشراف الحاليين الموجودين فى مكة وحولها خمسة أشخاص هم ؛ العبادلة ، وأهل سرور ، والحرازى ، وذوى حمود والسواملة (*).
مسألة تولى الحكم فى مكة ، شأنها شأن تولى المشيخة بين البدوى ، لم تكن وراثية ، على الرغم من بقاء المشيخة فى القبيلة نفسها مادامت القبيلة قوية. فى حال وفاة الشريف يصبح أحد أقربائه خلفا له سواء أكان ولده ، أو ابن عمه ، ما دام ذلك الشخص هو صاحب الطرف القوى ، أو صاحب الصوت المسموع بين أفراد قبيلته. لم تكن هناك حفلات أو مراسيم تنصيب أو قسم للولاء. كان الشريف الجديد يتلقى التهانى من المكيين على شكل زيارات يقومون بها لمنزل الشريف ، وكانت الفرقة الموسيقية تقوم بالعزف أمام باب المنزل ، الأمر الذى يبدو إشارة من إشارات السيادة ، مثلما هو الحال فى بلاد السودان ، ومن ثم يجرى الدعاء لاسم الشريف فى الصلاة العامة.
على الرغم من أن اعتلاء المنصب لم يكن يحدث بلا صراع ، فإن مسألة سفك الدماء كانت قليلة إلى حد كبير ، وعلى الرغم من حدوث بعض مظاهر القسوة فى بعض الأحيان فإن مبادئ الشرف وحسن النية التى تميز حروب قبائل الصحراء كانت
__________________
(*) يزاد على هؤلاء ، تلك الأسماء التى وردت عند العصمى ، مثل ذوى مسعود ، وذوى شمير ، وذوى الحارث ، وذوى ثقابة ، وذوى جازان ، وذوى باز. مسألة تأليف تاريخ لمكة من المصادر السابقة يحتاج إلى المزيد من الوقت. لقد أورد دهسون ملاحظة تاريخية عن الأشراف فى مكة ، وهذه الملاحظة فيها أخطاء عدة. أشجار الأنساب الطويلة التى يتعين تتبعها ، ابتغاء الوصول إلى فكرة واضحة عن حكام أى جزء من أجزاء الجزيرة العربية يجعل من تاريخ هذا البلد أمرا متشابكا وبالغ التعقيد.