والطائف ، يضاف إلى ذلك أن القوافل التى كانت تنقل رسائل الناس كانت تتحرك على فترات تتردد ما بين ثمانية أيام وعشرة أيام ، من هنا لم أكن أتوقع وصول رد على رسالتى قبل عشرين يوما. طوال هذه الفترة كنت أشغل وقت فراغى فى جدة فى تدوين محتويات أسفارى عن بلاد النوبة لكنى أحسست بشدة الحرارة فى ذلك الفصل من العام ، وبخاصة فى ظل حال الضعف الذى كنت عليه ، الأمر الذى جعلنى ألوذ بعد الساعات القلائل الصباحية بالظل الوارف الناتج عن بوابة الخان الكبيرة ، ذلك الخان الذى كنت مقيما فيه ، فى ظلال تلك البوابة كنت أمضى القسم الأكبر من النهار ، مسترخيا على مقعد من الحجر. كان مراسل بوسارى فى جدة ، الذى أرسلت من خلاله رسالتى إلى الطائف ، قد أتى على ذكر اسمى أمام يحيى أفندى طبيب طوسون باشا ولد محمد على باشا ، الذى كان فى ذلك الوقت حاكما لجدة ، وقبل ذلك كان طوسون حاكما للوجه القبلى ، يوم أن كنت أنا فى الوجه القبلى ، لكنى لم ألق طوسون باشا عند ما كنت فى الوجه القبلى. هذا الطبيب سمع اسمى يتردد عندما كان فى القاهرة ، صار يتطلع شغفا للقائى ، وطلب إلى صديقى بوسارى أن يقدمنى إليه. استقبلنى الرجل بأدب جم ، ودعانى مرات كثيرة إلى منزله ، ومن خلال المزيد من الشروح والتفسيرات أصبح الرجل على علم باحتياجاتى ، وبالخطوات التى أتخذها لعلاج مسألة الاحتياجات هذه. تصادف أن كان ذلك الرجل يستعد فى ذلك الوقت للقيام برحلة إلى المدينة المنورة بصحبة طوسون باشا ، وكان الرجل يعيد كل أمتعته غير الضرورية إلى القاهرة ، ومع هذه الأمتعة المعادة إلى القاهرة كان الرجل يود أن يحول لأسرته مدخرات العام الماضى التى تقدر بحوالى ثلاثة آلاف قرش (حوالى ١٠٠ جنيه إنجليزى) ، كما كان الرجل عطوفا جدا عند ما عرض علىّ إعطائى المبلغ بناء على إذن مالى مسحوب على القاهرة ، يدفع فورا عند الاطلاع ، وتلك ميزة كان هو يعرفها جيدا ؛ نظرا لأن تجار جدة لا يأمنون مطلقا لأولئك الذين يأخذون منهم أوامر الدفع أو الكمبيالات ، العرض الذى من هذا القبيل لا يترتب عليه أى التزام فى البلدان التجارية الأوروبية ، لكن فى الشرق وفى ظل الظروف التى كانت تحيط بى ، كان ذلك العرض يعد أمرا غير عادى. وأضاف يحيى أفندى ، أن بعضا من أصدقائه