نادرا ما يراه أهل الحجاز. يشيع بين جميع الطبقات هنا ، شرب كوب من السمن ، يجرى بعدها شرب القهوة. وهم يعتقدون أن السمن مصدر للقوة ، وهم معتادون تماما على ذلك منذ عهد الصبا والشباب ، الأمر الذى يجعلهم يحسون بالضيق إذا لم يمارسوا هذه العادة. الطبقات الراقية تقتصر على شرب كمية الزبد ، لكن الطبقات الأدنى تضيف إلى الكوب نصف كوب آخر ، يستنشقونه من خلال فتحات أنوفهم ، متصورين أن ذلك يحول دون دخول الهواء الملوث من خلال فتحتى الأنف إلى أجسادهم. هذا التصرف يشيع أيضا بين سكان المدينة وبين البدو أيضا ، الطبقات الدنيا من عادتها أيضا دعك الصدور والأكتاف والأذرع والأرجل بالزبد وبالسمن مثلما يفعل الزنوج ، وذلك من باب إنعاش أو ترطيب الجلد والبشرة. لا يكفى إنتاج الزبد استهلاك مدينة جدة ، ويجرى جلب شىء من الزبد أيضا من مدينة سواكن ، لكن أفضل أنواع الزبد ، والذى يتوفر بكميات كبيرة ، هو الذى يأتى من «ما سواه» ، ويطلق الناس عليه هنا اسم الدهلاك أو زبد الدهلاك. سفن كاملة تأتى محملة بذلك الزبد من بلدة ما سواه إلى مدينة جدة ، وينقل القسم الأكبر من ذلك الزبد إلى مدينة مكة. يجرى استيراد الزبد أيضا من بلدة القصير ، هذا النوع من الزبد يأتى من الوجه القبلى فى مصر ، وهو يصنع من لبن الجاموس ، أما زبد وسمن سواكن ودهلاك فيجرى الحصول عليهما من ألبان الأغنام.
الحجاز عامر بعسل النحل ، فهو موجود فى كل ركن من أركان الجبال. أفضل أنواع العسل هو ذلك الذى يأتى من تلك المناطق التى يسكنها بدو النواصرة ، فى جنوب الطائف. الطبقات الدنيا هنا يكون إفطارها مكونا من الزبد والعسل المسكوب على قطع الخبز بعد خروجها من الفرن مباشرة ، يزاد على ذلك أن العرب المغرمون بالفطير لا يأكلونه مطلقا بدون عسل.
الزيت المستخدم فى القناديل هو زيت السمسم (السيرج الذى يجرى استيراده من مصر). العرب لا يستخدمون الزيت فى أغراض الطبخ ، اللهم إلا باستثناء قلى السمك ، أو فى عمل الفطير الذى يوزعونه على الفقراء. السلطة التى يغرم بها الأتراك الشماليون ، لا وجود لها على المائدة العربية.