يقع بين هذه التلال التى هى خليط من التلال الرملية والتلال الصخرية ، وبعد أن سرنا مدة خمس ساعات ونصف الساعة توقفنا فترة قصيرة عند كوخ من أكواخ القهوة وبئر يسمونها البياضية. ماء هذه الآبار ليس عذبا. اعتبارا من هذا المكان ، وفى خلال ساعة ونصف الساعة ، (أى بعد مسير دام سبع ساعات منذ أن بدأنا الرحلة) وصلنا محطة أخرى شبيهة بالمحطات السابقة ويسمونها الفراينة ، ولحقنا عندها بقافلة من قوافل الحجاج الذين كانوا يرافقون البضائع والمؤن والتموينات المرسلة للجيش ، كانت تلك القافلة قد غادرت جدة قبلنا فى فترة المساء. أكواخ القهوة عبارة عن أكواخ بائسة مبنية من الخشب ، هذه المقاهى الكوخية لا تقدم شيئا سوى القهوة والماء. يقال إنه كان هناك حوالى اثنى عشر مقهى على ذلك الطريق ، وإن تلك المقاهى كانت تقدم المرطبات والمسليات بكل أنواعها للمسافرين من جدة إلى المدينة المقدسة ، لكن لأن الرحلة تتم أثناء الليل فى أيامنا هذه ، ونظرا أيضا لأن الجنود الأتراك لا يدفعون ثمن أى شىء إلا تحت الضغوط ، فقد تخلى أصحاب هذه المقاهى عن القسم الأكبر منها ، البقية الباقية من هذه المقاهى يقوم على أمرها بعض عرب قبيلة اللهيان ، (اللهيان فرع من عرب هذيل) ، والمطارفة الذين هم أسر بدوية ، ويعيشون مع قطعانهم بين التلال. واعتبارا من الفرانية ينفتح كل من الوادى والتلال ، ويتحولان على الجانبين ، ويتزايد ارتفاعهما تزايدا كبيرا. وبعد أن سرنا ثمانى ساعات ، ومع شروق الشمس وصلنا إلى بحرة ، وهى عبارة عن مجموعة من حوالى عشرين كوخا ، تقع فى سهل يصل طوله إلى مسير حوالى أربع ساعات ، وعرضه حوالى ساعتين ، ويمتد فى اتجاه الشرق ، فى بحرة يوجد الماء وفيرا فى الآبار ، وبعض هذا الماء عذب والبعض الآخر مالح. وفى صف من الدكاكين التى يبلغ عددها عشرة ، يباع الأرز والبصل والزبد والتمور والبن بسعر أعلى بنسبة ثلاثين فى المائة عن سعر استلام البن فى جدة ، وهذا هو ما يطلق عليه العرب اسم السوق ، وهناك أماكن أخرى كثيرة شبيهة بهذا المكان ، فى كل محطة من المحطات التى فى هذه السلسلة الجبلية إلى أن تصل اليمن. كانت هناك بعض الخيالة التركية متمركزة فى بحرة لحراسة الطريق. بعد أن مشينا مدة ساعتين أخريين فى