التلال ، ووصلنا بعد ساعتين من مسيرنا من الهدا إلى كوخ آخر من أكواخ القهوة ، يطلق الناس عليه اسم الشميسة. جبل الشميسة يوجد خلف هذا الكوخ ، جبل الشميسة هذا هو الجبل الذى جلب منه ـ على حد قول مؤرخى مكة ـ الرخام الذى صنعت منه أعمدة كثيرة فى المسجد الحرام. فى هذا الجبل ، وبالقرب من كوخ القهوة توجد بئر ، ومن الشميسة سرنا بدوابنا فى واد واسع تنتشر فيه الرمال العميقة ، كما أن فيه أيضا بعض الأشجار الشوكية. وعلى بعد مسير أربع ساعات من الهدا مررنا بقهوة سالم ، كما مررنا أيضا على بئر ، وعند قهوة سالم التقينا قافلة قادمة من مكة. والجبال فى هذه المنطقة قريبة جدا بعضها من بعض ، إذ لا يفصل بينها سوى واد مستقيم ضيق جدا ، تتقاطع معه وديان عدة أخرى على بعد مسافات متباينة. واصلنا مسيرنا إلى أن وصلنا الحجالية ، والحجالية هذه عبارة عن مقهى يبعد عن الهدا مسير سبع ساعات ، وتوجد بئر كبيرة بالقرب من هذا المقهى ، ويحصل منه جمالو قافلة الحج السورية ، على الماء سواء فى رحلة الذهاب أو العودة من مكة.
لما كنت لم أنعم بالنوم ولو للحظة واحدة منذ أن غادرت جدة فقد وجدتنى أستلقى أرضا على الرمل ، ورحت فى سبات عميق إلى أن طلع النهار ، فى حين راح رفاقى يواصلون مسيرهم إلى مكة. لم يبق معى سوى مرشدى وحده ، لكن خوفه على سلامة إبله جعل عينيه لا ترى النوم. الطريق من جدة إلى مكة تتردد عليها دوما شخصيات مشبوهة ، ونظرا لأن الناس هنا يسافرون أثناء الليل فإن ذلك يسهل على اللصوص سلب الشاردين أو التائهين ونهبهم. بالقرب من الحجالية توجد بعض الأنقاض والخرائب المتبقية من قرية قديمة مبنية من الحجر ، وفى الوادى توجد آثار أو بقايا زراعة قديمة.
السادس والعشرون من شهر أغسطس ، بعد نصف ساعة من مسيرنا من الحجالية ووصلنا إلى مزرعة صغيرة من أشجار النخيل محاطة بسور. الطريق بدءا من هذه المنطقة إلى أن يصل مكة يقع على الجانب الأيمن ويدخل المدينة عن طريق الحى