الذى يسمونه جرول. كانت لدى مرشدى تعليمات تقضى بالوصول إلى الطائف عن طريق أحد الطرق الفرعية الذى يمر بشمالى مكة ، هذا الطريق يتفرع فى منطقة الهدا ، ويعبر الطريق القادم من مكة إلى وادى فاطمة ، ـ ويتصل بالطريق الكبير القادم من مكة إلى الطائف من خلف وادى منى. قبل مغادرة الهدا مباشرة وجدت مرشدى ، الذى لم يعرف عنى شيئا أكثر من أنى صاحب مصلحة عند الباشا فى الطائف ، وأنى كنت ملتزما بكل مظاهر الحاج المسلم ، وأننى كنت كريما معه قبل أن تبدأ رحلتنا ، وجدت هذا المرشد يسألنى عن سبب صدور أوامر له بتوصيلى إلى المدينة من الطريق الشمالى ، وأجبته أنه ربما كان ذلك من منطلق أن هذا الطريق أقصر من ذاك. رد على قائلا : «هذا خطأ ، طريق مكة قصير جدا وأكثر أمنا ، وإذا لم يكن لديك مانع ، فسوف نسلكه». كان ذلك مبتغاى ، على الرغم من احتراسى لعدم ظهور أى قلق حول هذا الموضوع ، وترتب على ذلك أن سلكنا الطريق الكبير بصحبة المسافرين الآخرين. ومع ذلك ، وبدلا من أن يأخذنى من الطريق المعتاد الذى كان يمكن أن يجعلنى أمر خلال المدينة كلها ، ونظرا أيضا لأنه لم يكن حريصا على إرضائى ، فقد اقتادنى دون علم منى ، من خلال طريق قصير ، وبذلك حرمنى من فرصة مشاهدة المدينة كلها فى ذلك الوقت.
من «بيارة النخيل» الواقعة خلف الجمالية وصلنا خلال نصف ساعة السهل الذى جرت العادة أن تخيم فيه قافلة الحج السورية ، والذى أصبح الناس يسمونه الشيخ محمود ، وذلك تيمنا باسم أحد الأولياء الذى له قبر فى هذه المنطقة. هذا القبر جرى بناؤه فى وسط السهل ، والقبر تحيط به بعض الجبال المنخفضة ، وطول السهل يتردد بين ميلين وثلاثة أميال ، أما عرضه فيصل إلى ميل واحد ، وهذا السهل مفصول عن وادى مكة بسلسلة ضيقة من التلال التى جرى شق طريق فوق صخورها ، كلّف من شقوه عناء كبيرا. صعدنا من هذا الطريق ، ومررنا على قمة التل على برجين من أبراج المراقبة بنيا على جانبى الطريق بواسطة الشريف غالب. وبينما كنا ننزل على الجانب الآخر من التل حيث الطريق الممهد ، بدأ يطالعنا منظر مكة ، وبعد مسير من الحجالية