مع بعضها البعض عند ما تخيم فى الأراضى المفتوحة ، لكنها تلتزم بتقاليد وقوانين واحدة فى هذه المشاجرات كلها من ناحية وفى مسألة الثأر من ناحية أخرى.
المهنة الرئيسية التى يمتهنها الينبعاويون هى التجارة والملاحة ، وينبع فيها حوالى أربعين سفينة أو خمسين ، مستخدمة فى سائر أنحاء التجارة فى البحر الأحمر ، ويعتمد تشغيل هذه السفن على سكان ينبع ، أو على العبيد. الاتصال بين ينبع ومصر أمر دائم فى كثير من الأحيان. هنا عدد كبير من سكان ينبع مقيمون فى كل من السويس والقصير ، والبعض منهم مقيمون أيضا فى القاهرة وفى قنا فى الوجه القبلى ، وهم فى هذه المناطق يمارسون التجارة مع ينبع. بعض آخر من أهل ينبع يتاجرون أيضا مع أهل الحجاز ، ومع شواطئ البحر الأحمر وصولا إلى المويلح ؛ هؤلاء السكان يقايضون فى مخيماتهم البضائع والمؤن التى يجرى جلبها من مصر بالماشية ، والزبد ، والعسل ، وهم يعيدون بيع هذه السلع عقب عودتهم إلى ينبع محققين بذلك أرباحا كبيرة.
أهل ينبع ليسوا متمدنين ، وفى بعض الأحيان قد يسلكون سلوكا وقحا على نحو يفوق أهل مكة أو جدة ، لكنهم على العكس من ذلك تتسم سلوكياتهم بالنظام ، كما أنهم لا يدمنون الرذيلة مثل أهل مكة أو جدة ، وهم بصورة عامة يتفوقون على باقى أهل الحجاز بأنهم يحملون اسما يحترمه الناس. وعلى الرغم من عدم وجود أفراد شديدى الثراء فى ينبع فإنهم جميعا يتمتعون بمزيد من النعمة والرخاء والوفرة عن أهل مكة. العائلات المحترمة فى ينبع كلها لها منازل ريفية كبيرة فى الوادى المثمر الذى يطلقون عليه اسم ينبع النخل أو إن شئت فقل : ينبع قارة أو ينبع البر ، التى تبعد عن هنا مسافة مسير تقدر بحوالى ست ساعات أو سبع ، وتقع عند سفح الجبال فى الاتجاه الشمالى الشرقى. هذا الوادى يشبه كلا من وادى الجديدة ووادى الصفراء (*) ، وتوجد أشجار النخيل والحقول الزراعية. يصل طول هذا الوادى إلى
__________________
(*) هناك طريق وعر يربط ينبع النخل بالجديدة ، وهذا الطريق يمتد عبر الجبال الموجودة فى شمال الطريق الرئيسى.