يحتمل أن يحتوى ذلك الكيس على ما يقرب من ثلاثمائة دولار. تخوف صاحب ذلك الكيس من هذا الاكتشاف ، كما تخوف أيضا من أن يقتله العرب على الطريق طمعا فى ذلك الكيس ، ولذلك ومن باب عقابه على بخله ، عمل البدو على إزعاجه بصورة مستمرة إلى أن وصلنا المدينة (المنورة).
اليوم الرابع والعشرون من شهر يناير. غادرنا سوق الصفراء (*) عند الساعة الثالثة مساء ، وسرنا فى الوادى ، الذى بدأ يتسع فى المنطقة الواقعة خلف السوق. خضرة النخيل والمزارع تتناقض تناقضا تاما وفريدا مع الجبال الجرداء التى على الجانبين. كان اتجاهنا شمال ١٠ شرق. اكتشفت هنا أن الصخر فى سائر أنحاء المنطقة مكون من صخور الثون حمراء اللون ، وتتخللها طبقات من الصخر نفسه ولكنه أخضر اللون ، وخلف قرية الجديدة التى تقع على ارتفاع قليل ، اكتشفت عند عودتى من المدينة المنورة نوعا من صخور ، وعلى بعد مسير ساعة واحدة من السوق ، مررنا بقرية مشابهة للجديدة تدعى الخرمة ، التى تندرج ضمن وادى الصفراء. وبعد مضى ساعتين وصلنا إلى أنقاض عين ماء عامة (سبيل) ، بالقرب من بئر شبه مملوءة بالماء. الوادى ينقسم فى هذه المنطقة إلى قسمين : أحدهما يسير فى الاتجاه الشمالى الغربى ، أما القسم الثانى الذى سرنا فيه ، فيتجه صوب أقصى الشمال الشرقى ، وبعد مضى ساعتين ونصف الساعة مررنا بكفر صغير يطلقون عليه اسم الدار الحمراء ، وفيه بساتين النخيل والمزارع ، التى يسكنها الحواسب ، الذين هم فرع من قبيلة حرب ، وفى هذه المنطقة بنى الناس أبراجا صغيرة متعددة للمراقبة ، فوق قمم الجبال المجاورة ، على جانبى الوادى ، بأوامر من عثمان المضايفة ، مستهدفا بذلك تأمين هذا الشّعب. عرضوا علينا كثيرا من الموز أثناء مرورنا خلال ذلك الوادى ، وبعد مضى ساعتين وثلاثة أرباع الساعة ، يبدأ الطريق فى الصعود ،
__________________
(*) مر أثناء الليل ، مراسل بريدى كردى ، راكبا ناقة ، وبصحبته بدو عدة. مر هذا المراسل البريدى بقرية الصفراء ، كان الرجل قادما من مركز رئاسة محمد على ، وكان يحمل معلومات استخباراتية عن الاستيلاء على تربة ، إلى طوسون باشا فى المدينة (المنورة).