والآخر ، على حد ظنى من أجل ، الاستيلاء على شىء من أمتعتى بعد أن أموت. غادر يحيى أفندى ـ طبيب طوسون باشا ـ المدينة المنورة فى شهر مارس ، بصحبة جيش طوسون باشا ، الذى تألّب على الوهابيين.
فى أوائل شهر إبريل ، وضع الدفء حدا لمرضى ، لكنى لم أستطع مغادرة المكان قبل أسبوعين ، وكانت كل نسمة تهددنى بعودة الحمى من جديد. يضاف إلى ذلك أن مناخ البلد السيئ ، وماءه كريه المذاق ، وكذلك العدد الكبير من الأمراض المنتشرة فى المدينة (المنورة) ، كل ذلك زاد من رغبتى فى مغادرة المدينة. كان هدفى الرئيسى البقاء هنا فى المدينة المنورة ، على أكثر تقدير ، مدة شهر ثم أصطحب بعض المرشدين من البدو وأعبر معهم الصحراء إلى مدينة العقبة عند نهاية البحر الأحمر ، على شكل خط أو مسار مباشر ، أصل عن طريقه بسهولة ويسر إلى القاهرة. كنت أود من هذا المسار زيارة بلدة الحجر ، على طريق الحج السورى ، حيث كنت أتوقع العثور على بقايا أثرية عتيقة ، لم يتطرق إلى وصفها أى رحال من الرحالة الذين سبقونى ، فى حين كان الجزء الداخلى من البلاد مثارا لكثير من الفضول والموضوعات البحثية الأخرى. ومع ذلك ، كان يستحيل علىّ تماما القيام بهذه الرحلة الداخلية وأنا فى ظل ظروفى الصحية الحالية ؛ يضاف إلى ذلك ، أنى لم أكن أتوقع أن تتحسن صحتى على نحو يمكننى من القيام برحلة من هذا القبيل. هذا يعنى أيضا أن استمرار تعرضى لذلك المناخ ، يعد أمرا غير مطلوب ، وأنا بطبعى كنت أتوق إلى تغيير الهواء ، اقتناعا منى ، بأنى إذا لم أفعل هذا الشىء فسوف يؤدى ذلك إلى معاودة الحمى لى. من هنا وجدتنى أتخلى عن الرحلة التى عقدت العزم على القيام بها ، وعليه قررت الذهاب إلى ينبع ، على ساحل البحر ، ومنها السفر بالبحر إلى مصر ، وهذا القرار جاء بناء على الحال الذى كانت عليه حافظة نقودى ، التى أتى وجودى الطويل فى المدينة (المنورة) على القسم الأكبر منها. وعند ما أحسست بقدرتى على ركوب جمل من الجمال ، رحت أبحث عن توصيلة إلى ينبع ، وأبرمت عقدا مع بدوى ، شكل مع بعض رفاق له قافلة صغيرة بدأت تحركها من ذلك المكان فى اليوم الحادى والعشرين من شهر إبريل ، كان ذلك فى غضون ستة أيام من الأشهر الثلاثة التى انقضت على وصولى إلى المدينة المنورة ، أمضيت من هذه الأشهر الثلاثة ثمانية أسابيع ملتزما وسادتى.