المدققين». وفرغ من وضعه في ١٣ رجب سنة ٩٨٠ ه ، وأهداه إلى السّلطان مراد خان الثالث ابن السّلطان سليم الثاني (٩٥٣ ـ ١٠٠٣ ه). ثم نقله إلى التركيّة باختصار.
وتقتضينا هذه الصلة والارتباط بين كتاب ابن سباهي زاده وكتاب أبي الفداء ، أن نذكر أن تقويم البلدان مقسّم إلى قسمين ، مقدمة تضمنت معلومات وإفادات عن تقسيم الأرض ، وعن خط الاستواء ، وعن الأقاليم السبعة ، والمعمور من الأرض ومساحتها ، وقسم ثان ـ وهو الأطول ـ يحتوي على ثمانية وعشرين قسما ، حسب التقسيم الذي ابتدعته المدرسة البلخيّة ، تحدث فيه عن كل إقليم منها من حيث أخلاق وعادات سكانه ، وآثاره القديمة ، ثم أتبع ذلك بجداول مبوّبة ، تحتوي على أسماء البلاد ، وضبط رسمها ، وذكر المأهول منها ، وأطوالها وعروضها ، والإقليم الفلكي والجغرافي الذي تنتمي إليه.
ويذكر كراتشكوفسكي (١) أن أبا الفداء كان أول من اتبع نظام الجداول في علم الجغرافيا ، مستعيرا ذلك من فكرة جداول الزيجات التي كان يعرفها جيدا ، غير أن أبا الفداء يذكر صراحة أنه أخذ ذلك محاكاة للطبيب ابن جزلة ، الذي صنّف كتابه «تقويم الأبدان» مجدولا ، ويبدو تأثر أبي الفداء بالطبيب ابن جزلة واضحا في اختياره لعنوان مشابه لتسمية تقويم الأبدان.
وأهمية كتاب تقويم البلدان أنه مصنّف جغرافي شامل مدقق ، راج وانتشر عند علماء الأجيال المختلفة من المسلمين وغيرهم. فقد لخصه معاصره الحافظ محمد بن أحمد الذهبيّ (ت ٧٤٨ ه) ، ونال حظوة عند علماء الأتراك ، فرتبه ابن سباهي زاده على حروف المعجم باللغة العربيّة ، وزاد عليه إلى العصر الذي عاش فيه ، ثم صنع له ترجمة موجزة باللغة التركيّة.
وقد اتبع ابن سباهي زاده ـ في إعداده للكتاب ـ إيراد المادة الجغرافية
__________________
(١) تاريخ الأدب الجغرافي العربي ١ : ٣٩٣.